اجتماع حول التهديد الوجودي لارتفاع منسوب مياه البحر، والأمين العام يحذر من “موجة عارمة من البؤس”
جاءت تصريحات غوتيريش في افتتاح الاجتماع العام رفيع المستوى المعني بالتصدي للتهديدات الوجودية التي يشكلها ارتفاع مستوى سطح البحر، والذي يعد إحدى فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
يشارك في الاجتماع عدد من الدول العربية منها مصر وتونس واليمن والمغرب وعُمان والبحرين والكويت وجيبوتي وقطر وسوريا والسعودية.
وقال الأمين العام إن “عالمنا في مياه خطرة”، وإن العلماء أفادوا بأن مستوى سطح البحر العالمي يرتفع الآن بشكل أسرع من أي وقت مضى خلال الثلاثة آلاف عام الماضية، “لكنهم لا يستطيعون أن يخبرونا إلى أين سينتهي هذا”.
وأضاف أن هذا الأمر يعود إلى قادة العالم، مشيرا إلى أن اختياراتهم سوف تحدد نطاق ووتيرة وتأثير ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل. وأوضح أن المناطق الساحلية المنخفضة هي موطن لنحو 900 مليون شخص، “وأن ارتفاع مستوى سطح البحر يعني موجة عارمة من البؤس”.
وقال غوتيريش إن ذلك يعني أيضا المزيد من العواصف الشديدة، وتآكل السواحل، والفيضانات الساحلية، وإغراق المجتمعات، وتلوث المياه العذبة، وتدمير المحاصيل، وتضرر البنية الأساسية، وتدمير التنوع البيولوجي والاقتصادات، مع تضرر قطاعات مثل مصايد الأسماك والزراعة والسياحة.
أفقر الناس الأكثر تضررا
ونبه أمين عام الأمم المتحدة إلى أن “أفقر الناس وأكثرهم ضعفا هم الأكثر تضررا”. وأشار كذلك إلى أن “الأغنياء ليسوا محصنين”، مضيفا أن الاقتصادات المتقدمة تنفق مليارات الدولارات على الأضرار والتكيف، “وبدون اتخاذ إجراءات سريعة، فإننا سنواجه ما هو أسوأ بكثير”.
وأفاد بأن جزرا بأكملها ضاعت وأن مجتمعات ساحلية دُمرِت مع تحول الأراضي إلى أراض غير صالحة للسكن وغير قابلة للتأمين.
وشدد الأمين العام على أن العمل الجذري للحد من الانبعاثات هو القادر فقط على الحد من ارتفاع مستوى سطح البحر، وأن العمل الجذري للتكيف هو القادر فقط على حماية الناس من ارتفاع مستوى المياه.
تقدم في قمة المستقبل
وقال الأمين العام إن مجموعة العشرين ــ المسؤولة عن نحو ثمانين في المائة من الانبعاثات العالمية ــ لابد وأن تقود الجهود، وأن تعمل على مواءمة خططها لإنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري مع الحد من ارتفاع درجات حرارة العالم بـ 1.5 درجة مئوية.
وأكد أن هناك حاجة إلى نتيجة مالية قوية في مؤتمر المناخ القادم (COP29)، بما في ذلك فيما يتصل بمصادر رأس المال الجديدة والمبتكرة. وأوضح أن هناك احتياجا إلى مساهمات كبيرة في صندوق الخسائر والأضرار الجديد، “كخطوة نحو تحقيق العدالة المناخية”.
وأضاف غوتيريش: “لقد أحرزنا تقدما حقيقيا في قـمة المستقبل. ويتعين علينا أن نواصل دفع هذا إلى الأمام، بما في ذلك في القمة العالمية للتنمية الاجتماعية ومؤتمر تمويل التنمية العام المقبل”.
قضية لا يمكن تجاهلها
حذر رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ بدوره من أن سواحل بأكملها تتعرض للتآكل والاختفاء، وهو ما سيؤثر على الناس في أماكن بعيدة مثل جزر المحيط الهادئ، أو قريبة مثل مدينة نيويورك.
وأضاف في كلمته أمام المجتمعين: “إنها قضية لا يمكننا أخلاقيا أو سياسيا أو ماليا أن نتجاهلها. لقد حان الوقت لاتخاذ القرارات. لقد حان الوقت للعمل”. وأفاد بأن التقديرات تشير إلى أن مستويات سطح البحر سوف ترتفع بمقدار 20 سنتيمترا بين عامي 2020 و2025.
ولفت إلى أنه ليس كل شخص لديه رفاهية الأراضي المرتفعة أو الموارد المالية لاتخاذ تدابير احترازية.
وأضاف أنه بالنسبة لأولئك الذين يعملون في الخطوط الأمامية، فإن تأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر تهدد سبل العيش، وتلحق الضرر بالمستوطنات والبنية الأساسية الحيوية، ويمكن أن تجبر، في مظاهرها الأكثر دراماتيكية، على نزوح سكان الجزر والمجتمعات الساحلية بأكملها.
وقال يانغ: “إن جهودنا الآن قادرة على تغيير مسارنا، ولكن يجب أن نعمل معا لبناء القدرة على الصمود ومعالجة الضعف تجاه الكوارث”. وحث على ضرورة ألا يتم تحويل مناقشات اليوم إلى قمة مناخية أخرى، مشددا على أن “عدم قدرتنا حتى الآن على احتواء تغير المناخ هو الذي استلزم هذا المسار الموازي للتعامل مع آثاره المدمرة”.
دولة توفالو
رئيس وزراء دولة توفالو، فيليتي تيو تحدث في الاجتماع ممثلا لدولة عضو من بين الأكثر تضررا بالتهديدات الوجودية التي يفرضها ارتفاع مستوى سطح البحر.
وقال تيو: “أخاطب هذه الهيئة الموقرة رسميا، مدركا تماما أن أصوات مليار شخص يعيشون في البلدان والأقاليم المنخفضة، والذين يهددهم ارتفاع مستوى سطح البحر، بحاجة إلى أن تُسمع. ارتفاع مستوى سطح البحر ظاهرة عالمية ومتعددة الأبعاد تتطلب عملا عالميا واستجابة سريعة”.
وحذر من أن ارتفاع مستوى سطح البحر بالنسبة للدول الجزرية الصغيرة النامية يشكل تهديدا وجوديا لاقتصاداتها وثقافتها وتراثها. وأوضح أن اجتماع اليوم يشكل بداية عملية مسؤولة ومستنيرة، ويمثل انطلاقا للجهود العالمية لصياغة إعلان طموح من جانب الجمعية العامة في أيلول/سبتمبر 2026 بشأن هذا الموضوع.
وقال إنهم يتوقعون أن يتضمن ذلك الإعلان مجموعة من الجوانب بما فيها التأكيد على مبدأ استمرارية الدولة كمبدأ من مبادئ القانون الدولي والتعاون الدولي، والدعوة إلى تمكين مسارات التنقل المناخي التي تسهل الحركة بأمان ومنظمة وبكرامة.
وقال رئيس وزراء توفالو: “إن إيجاد الحلول الصحيحة سوف يتطلب حنكة سياسية وتعاطفا، بدءا من الاعتراف بأن الوضع الذي يكلف العالم الكثير لابد وأن يكون له حل عادل ومنصف على المستوى العالمي”.
اجتماع حول التهديد الوجودي لارتفاع منسوب مياه البحر، والأمين العام يحذر من “موجة عارمة من البؤس” المصدر: