أزمة تمويل تاريخية تهدد التقدم العالمي في مكافحة الإيدز

التقرير، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، يُسلّط الضوء على تأثير التخفيضات المفاجئة والواسعة النطاق في التمويل من الجهات المانحة الدولية على البلدان الأكثر تضررا من الفيروس. كما يُقدّم بعض الأمثلة المُلهمة حول تكثيف البلدان والمجتمعات جهودها لحماية المكاسب المحقّقة ودفع عجلة الاستجابة قدما.
وقد كشف التقرير المعنون “الإيدز، الأزمة والقدرة على التغيير” أن حوالي 25 دولة من أصل 60 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل مُدرجة فيه قد أشارت إلى زيادات في ميزانياتها المحلية لاستجاباتها لفيروس نقص المناعة البشرية في عام 2026. إلا أن البرنامج نبه إلى أن هذا التطور الواعد “لا يكفي ليحل محل التمويل الدولي في البلدان التي تعتمد بشكل كبير عليه”.
على الرغم من التقدم الملحوظ في الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية بحلول عام 2024، إلا أن النقص الكبير والمفاجئ في التمويل في الاستجابة لهذا العام قد تسبب في اضطراب واسع النطاق في النظم الصحية وتخفيضات في أعداد العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، مما أدى إلى توقف برامج الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وتعريض خدمات العلاج للخطر، وفقا للتقرير.
4 ملايين حالة وفاة إضافية
وحذر التقرير من أنه في حال انهيار خدمات علاج فيروس نقص المناعة البشرية والوقاية منه التي تدعمها الولايات المتحدة بالكامل، فقد تحدث ستة ملايين إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، وأربعة ملايين حالة وفاة إضافية مرتبطة بالإيدز بين عامي 2025 و2029.
وفي بيان صدر اليوم الخميس، قالت المديرة التنفيذية للبرنامج، ويني بيانيما: “هذه ليست مجرد فجوة تمويلية، بل هي قنبلة موقوتة. لقد اختفت الخدمات بين عشية وضحاها. أرسل العاملون الصحيون إلى منازلهم. ويُدفع الناس، وخاصة الأطفال والفئات السكانية الرئيسية، إلى خارج نطاق الرعاية”.
حتى قبل انقطاع الخدمات على نطاق واسع، تُظهر البيانات المُبلّغ عنها لعام 2024 أن 9.2 مليون شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية لم يتمكنوا من الوصول إلى خدمات العلاج المنقذة للحياة، بمن فيهم 620 ألف طفل دون سن الرابعة عشرة، مما ساهم في 75 ألف حالة وفاة مرتبطة بالإيدز بين الأطفال.
ووفقا للتقرير، توفي 630 ألف شخص لأسباب مرتبطة بالإيدز – 61% منهم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى – كما أصيبت أكثر من 210 آلاف فتاة مراهقة وشابة تتراوح أعمارهن بين 15 و24 عاما بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 2024 – أي بمعدل 570 إصابة جديدة يوميا.
ضرورة الحفاظ على المكاسب
ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن الدول والمجتمعات المحلية تكثف جهودها لحماية المكاسب الأساسية لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، بما في ذلك جنوب أفريقيا التي تُموّل حاليا 77% من استجابتها للإيدز، بالإضافة إلى بوتسوانا وإسواتيني وليسوتو وناميبيا ورواندا وزامبيا وزيمبابوي التي حققت أهدافها المتمثلة في معرفة 95% من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية بوضعهم الصحي، و95% منهم يتلقون العلاج، و95% ممن يتلقون العلاج مُثبّطون فيروسيا. وشدد البرنامج على ضرورة الحفاظ على هذه النجاحات وتوسيع نطاقها.
كما سلّط التقرير الضوء على ظهور أدوات وقائية جديدة غير مسبوقة وعالية الفعالية، مثل حقن الوقاية قبل التعرض طويلة المفعول، بما في ذلك ليناكافير، الذي أظهر فعالية شبه كاملة في التجارب السريرية، على الرغم من أن القدرة على تحمل التكاليف وإمكانية الحصول عليه لا تزالان تُشكّلان تحديين رئيسيين.
وفي هذا الصدد، قالت السيدة بيانيما: “لا يزال هناك وقت لتحويل هذه الأزمة إلى فرصة. تُكثّف الدول جهودها بالتمويل المحلي، والمجتمعات المحلية تبين ما يُجدي نفعا. نحن الآن بحاجة إلى تضامن عالمي يضاهي شجاعتها وقدرتها على الصمود”.
ودعا تحديث الإيدز العالمي لعام 2025 المجتمع الدولي لسد فجوة التمويل بشكل عاجل، ودعم الدول لسد الفجوات المتبقية في خدمات الوقاية الإيدز وعلاجه، وإزالة الحواجز القانونية والاجتماعية، وتمكين المجتمعات المحلية من قيادة الطريق إلى الأمام.
وأكّد برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز أن “كل دولار يُستثمر في الاستجابة لا يُنقذ الأرواح فحسب، بل يُعزز النظم الصحية ويُعزز أهداف التنمية الأوسع نطاقا”.
يذكر أنه منذ بداية جائحة الإيدز، تم تجنب 26.9 مليون حالة وفاة من خلال العلاج، وتمت حماية 4.4 مليون طفل من الإصابة بالإيدز من خلال الوقاية من الانتقال الرأسي للفيروس.
أزمة تمويل تاريخية تهدد التقدم العالمي في مكافحة الإيدز المصدر: