إعادة تنظيم العلاقات السعودية الأمريكية في عصر الذكاء الاصطناعي

طموحات سعودية
الموارد المالية الهائلة للمملكة، واستثماراتها الاستراتيجية في الذكاء الاصطناعي، واحتياطياتها الفائضة من الطاقة، تجعلها منافسًا قويًا في السباق العالمي نحو الهيمنة الحاسوبية، ومحورًا أساسيًا في منظومة الذكاء الاصطناعي الناشئة. بالنسبة للولايات المتحدة، يُمثل هذا فرصة إستراتيجية لتوطيد العلاقات مع حليف رئيسي. يمكن للولايات المتحدة دعم جهود التحديث في السعودية من خلال التعاون في المبادرات التكنولوجية، مع ضمان مصالحها في منطقة تتأثر بشكل متزايد بالمنافسة التكنولوجية العالمية. إن شراكة تركز على الابتكار والتقدم التكنولوجي المشترك يمكن أن تُعيد تعريف العلاقات الأمريكية – السعودية في العصر الرقمي.
14.9 مليار دولار استثمارات
تبرز السعودية بسرعة كقوة هائلة في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي. وأعلنت المملكة العربية السعودية عن استثمارات في الذكاء الاصطناعي تزيد على 14.9 مليار دولار. وتؤكد هذه الاستثمارات التزام المملكة بأن تصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا للذكاء الاصطناعي، مع تخصيص مليارات الدولارات للبنية التحتية والذكاء الاصطناعي وجولات التمويل للشركات الناشئة.
وحصلت شركة Groq الأمريكية الناشئة في مجال شرائح الذكاء الاصطناعي على التزام بقيمة 1.5 مليار دولار من المملكة لتوسيع نطاق توصيل شرائح الذكاء الاصطناعي، وإنشاء مركز بيانات في الدمام.
ومن المقرر أن يُسهم التعاون بين «جروك» و«أرامكو ديجيتال» في بناء أكبر مركز بيانات لاستنتاج الذكاء الاصطناعي في العالم، مما يجعل المملكة مركزًا حيويًا لخدمات الذكاء الاصطناعي في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
الجغرافيا والطاقة والاتصال
بفضل موقعها الجغرافي المتميز عند ملتقى آسيا وأفريقيا وأوروبا، تُعدّ السعودية مركزًا حيويًا في الشبكة العالمية الناشئة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي والاتصال الرقمي. يوفر هذا الموقع الإستراتيجي مزايا لوجستية لا مثيل لها لتوجيه البيانات، وخدمات الحوسبة السحابية المنخفضة الكمون، وتوزيع قدرات الذكاء الاصطناعي عبر ثلاث قارات.
ذلك لا يقل أهمية عن ذلك فائض الطاقة في المملكة، فمع تزايد اعتماد العالم على أنظمة الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الحوسبة، تتزايد متطلبات الطاقة اللازمة لتدريب ونشر نماذج اللغات الكبيرة (LLMs)، وتشغيل أحمال عمل الاستدلال المتقدمة بشكل كبير. وتمتلك السعودية القدرة على تلبية هذا الطلب على نطاق واسع، فهي واحدة من الدول القليلة القادرة على توفير الطاقة المتجددة والقائمة على الهيدروكربونات بكميات صناعية وبتكاليف منخفضة نسبيًا.
33 مركز بيانات
بدءا من عام 2025، تستضيف السعودية 33 مركز بيانات قائمًا ولديها 42 منشأة إضافية قيد التطوير، ومن المتوقع أن تضيف مجتمعة ما يقرب من 2.2 جيجاواط من سعة تحميل تكنولوجيا المعلومات – أي ما يقرب من سبعة أضعاف الزيادة عن المستويات الحالية. وتعزز البنية التحتية للطاقة بالمملكة طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
الاستثمار في أمريكا
عزز صندوق الاستثمارات العامة حضوره في قطاع التكنولوجيا الأمريكي بشكل ملحوظ، معززًا دور المملكة في منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية. وبدءا من الربع الثالث من عام 2024، زاد صندوق الاستثمارات العامة استثماراته في الأسهم الأمريكية إلى 26.7 مليار دولار أمريكي، ارتفاعًا من 20.7 مليار دولار أمريكي في الربع السابق، وفقًا لبيانات مقدمة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC). ويعكس هذا النمو استثمارات إستراتيجية في شركات تقنية رائدة، بما في ذلك مجموعة لوسيد وأوبر وإلكترونيك آرتس.
الدور الأمريكي
يمكن للولايات المتحدة أن تُرسي نموذجًا قابلًا للتكرار للتعاون الرقمي في منطقة الخليج والجنوب العالمي الأوسع، وأن تُتيح للشركات الأمريكية فرصًا أكبر للوصول إلى الأسواق من خلال التفاوض على شراكة شاملة في مجال الذكاء الاصطناعي مع السعودية.
ومن خلال تمكين المملكة من تسريع تحولها إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، يُمكن للولايات المتحدة أن تُعزز في الوقت نفسه نفوذها الإستراتيجي في الشرق الأوسط من خلال تبني هذا الإطار الاستشرافي.
إعادة تنظيم العلاقات السعودية الأمريكية في عصر الذكاء الاصطناعي المصدر: