اتهامات إسرائيلية بخروقات عبر الحدود المصرية تُبقي «التوتر» بين البلدين

جددت اتهامات إسرائيلية بعبور مئات المسيرات خلال الشهور الماضية عبر الحدود المصرية، بعضها «تحمل أسلحة ثقيلة»، الحديث عن استمرار التوترات بين مصر وإسرائيل، في وقت اعتبر مراقبون مصريون إثارة مثل هذه المزاعم في الوقت الحالي يهدف إلى «عرقلة عملية وقف إطلاق النار في غزة».
وقال القائم بأعمال رئيس لجنة الدفاع في الكنيست الإسرائيلي وعضو حزب «الليكود»، شالوم دانينو، خلال لقاء إذاعي، الأحد، إن 900 طائرة مسيّرة عبرت الحدود المصرية إلى إسرائيل خلال الشهور الثلاثة الماضية، وبعضها يحمل أسلحة ثقيلة، مضيفاً: «لا فرق بين طائرة مسيرة قادمة من الحوثيين وطائرة مسيرة تعبر الحدود من مصر، فكلاهما مُعادٍ».
وسبق وكررت إسرائيل هذه الاتهامات مرات عدة على مدار الأشهر الماضية، بعضها صدر عن الجيش الإسرائيلي نفسه.
ففي مايو (أيار) الماضي، تحدث بيان عسكري عن «إحباط محاولة تهريب أسلحة من مصر إلى إسرائيل، بعدما رصدت وحدة المراقبة طائرة من دون طيار عبرت الحدود، مستعرضاً صوراً زعم أنها للأسلحة المهرّبة، وهي عبارة عن 19 مسدساً و3 رشاشات وذخيرة».
ولم تصدر أي جهة رسمية مصرية رداً على هذه التصريحات، وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على رد رسمي، لكن لم يتسن ذلك.
وسبق أن رفضت وزارة الخارجية المصرية في سبتمبر (أيلول) 2024 اتهامات مشابهة وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة»، لكنه أشار وقتها إلى «أن العمليات تتم عبر محور فيلادلفيا وليس المسيرات». وعدّت القاهرة هذه المزاعم آنذاك محاولة لتبرير السياسات العدوانية والتحريضية بالقطاع.
وقال الخبير العسكري اللواء سمير فرج لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل ترغب في وقف عملية السلام القائمة على خطة ترمب في غزة بكافة الطرق، لذا يُصدر مسؤولوها مثل هذه التصريحات الاستفزازية، مؤكداً أن «مصر ماضية في ضبط النفس الذي تنتهجه منذ البداية، والمضي قُدماً لما يحقق صالح أهالي القطاع والشعب الفلسطيني».
الأمر نفسه أكده عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، مثمناً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «السلوك المصري في ضبط النفس، والمضي في الحشد الدولي ودفع عملية وقف إطلاق النار، وتنفيذ خطوات إنهاء الحرب على الأرض»، وهو ما اعتبره توجهاً «لا يتوافق مع الإرادة الإسرائيلية».
وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد شدد خلال اتصالين هاتفيين مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك، الاثنين، على الأهمية البالغة لالتزام طرفي اتفاق شرم الشيخ بنص الاتفاق الخاص بوقف الحرب في غزة، مشدداً على أن احترام الاتفاق يمثل خطوة أساسية نحو تثبيت التهدئة وإنهاء الحرب بشكل دائم، والحد من المعاناة الإنسانية في القطاع، وفق بيان للخارجية.
«وما زالت التوترات بين البلدين قائمة في ظل عدم إظهار إسرائيل أي بوادر حسن نوايا تجاه اتفاق وقف النار في القطاع، بل على العكس تعرقل مرحلته الثانية»، وفق السفير رخا أحمد حسن.
وتضمنت المرحلة الأولى من الاتفاق تسليم كافة الرهائن الإسرائيليين في القطاع، سواء الأحياء أو جثث الموتى، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، والسماح بدخول المساعدات، وهي ما زالت تواجه تعقيدات نتيجة عدم تسليم جميع رفات الرهائن واستمرار إغلاق معبر رفح.
كانت السفارة الفلسطينية في مصر أعلنت السبت عن فتح معبر رفح لعودة الفلسطينيين في مصر الراغبين في العودة للقطاع بداية من الاثنين 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وبعد ساعات أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي استمرار غلقه للمعبر من الجانب الفلسطيني.
وتنتقل المرحلة الثانية إلى الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وسحب سلاح حركة «حماس»، والتمهيد لإعادة الإعمار، وهي لم تبدأ بعد.
مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير علي الحفني، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إننا أمام نهجين مختلفين، أحدهما يتعلق بالحكومة الإسرائيلية، وهي في مأزق بعد (اتفاق شرم الشيخ)، وبين النهج المصري المستمر في الحشد لإتمام الاتفاق وتذليل العقبات وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار»، مضيفاً: «في هذا الإطار تصدر مثل هذه التصريحات الاستفزازية، لكن مصر تتجاهلها وتتعامل بشكل عقلاني».
وتستضيف مصر مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا الولايات المتحدة إلى المشاركة فيه خلال قمة شرم الشيخ للسلام.
ورأى الخبير العسكري مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق اللواء محمد الغباري، صعوبة حدوث مثل هذه الاختراقات التي تزعمها إسرائيل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحدود بين البلدين يُشرف عليها قوة متعددة الجنسيات منذ اتفاقية السلام، وتُخضع لمراقبة بالأقمار الاصطناعية، ولم يحدث أن استدعت هذه القوات مصر أو سجلت خروقات عليها الفترة الماضية».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شدد خلال قمة السلام في شرم الشيخ على تمسك بلاده بمسار السلام، قائلاً: «تعيد مصر التأكيد، ومعها شقيقاتها العربية والإسلامية، على أن السلام يظل خيارنا الاستراتيجي، وأن التجربة أثبتت على مدار العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن أن يتأسس إلا على العدالة والمساواة في الحقوق».
اتهامات إسرائيلية بخروقات عبر الحدود المصرية تُبقي «التوتر» بين البلدين المصدر: