احتجاجات نيبال: من حظر وسائل التواصل إلى أزمة سياسية أعمق

وردود الفعل الشعبية تحولت سريعاً إلى تظاهرات حاشدة، واجهتها قوات الأمن بالقوة، ما أسفر عن سقوط 19 قتيلاً . وتصاعد العنف دفع رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي إلى التراجع عن الحظر وإعلان استقالته، إلا أن ذلك لم يوقف موجة الاحتجاجات التي أخذت طابعاً أوسع.
غضب الشباب
ورغم أن حظر وسائل التواصل كان الشرارة المباشرة، إلا أن جذور الغضب أعمق بكثير؛ إذ يعاني نحو خُمس الشباب النيبالي من البطالة، بينما يشهدون في المقابل مظاهر حياة مرفهة لأبناء النخب السياسية. ومقاطع الفيديو المنتشرة عبر تطبيق «تيك توك» خلال الأسابيع السابقة أبرزت الفجوة بين حياة السياسيين وأسرهم وبين واقع غالبية السكان، حيث يبلغ متوسط دخل الفرد نحو 1400 دولار سنوياً فقط.
وهذا التناقض، إلى جانب غياب المساءلة في قضايا فساد كبرى، أجّج الشعور بالإحباط لدى الجيل الجديد، الذي يرى أن الفرص الاقتصادية تتقلص بفعل المحسوبية وسيطرة قلة على الموارد.

احتجاجات «جيل Z»
وأطلق المراقبون على هذه المظاهرات اسم احتجاجات الجيل Z، في إشارة إلى الشباب الذين ولدوا بين عامي 1995 و2010، والذين باتوا أكثر حضوراً في الحياة العامة. بالنسبة لهؤلاء، لم يعد الأمر مقتصراً على رفض الحظر، بل تعبيراً عن رفض أوسع للوضع السياسي القائم.
ومنظمات حقوقية وصفت مشروع القانون المتعلق بالتواصل الاجتماعي بأنه محاولة للحد من حرية التعبير، فيما رأى مراقبون أن الاحتجاجات تعكس تراكمات طويلة من الاستياء من الأداء الحكومي.
أزمة الحكم
وشهدت العاصمة كاتماندو ومناطق أخرى في نيبال أعمال عنف هي الأسوأ منذ عقود. وأعادت هذه الاضطرابات للأذهان انتفاضة عام 2006 التي أنهت الحكم الملكي. خلال الأحداث الأخيرة، أُحرقت منازل بعض القادة السياسيين، فيما تعرضت مقار حكومية لهجمات من المتظاهرين.
ورغم استقالة رئيس الوزراء، فإن الدعوات لم تقتصر على تغييره بل امتدت إلى المطالبة بحل الحكومة بأكملها، في بلد شهد منذ 2008 أكثر من 13 حكومة متعاقبة دون تحقيق استقرار سياسي فعلي.

أصوات من الشارع
وقال متظاهر يبلغ من العمر 19 عاماً، أصيب بطلق ناري في ذراعه، إن الاحتجاجات بدأت سلمية لكن المواجهات مع الشرطة دفعت بها إلى العنف. وأكد أن غضبه ليس من قوات الأمن بقدر ما هو موجّه ضد صناع القرار الذين أمروا بإطلاق النار.
وفي المقابل، يرى محللون أن هذه الاحتجاجات تحمل سمات مشابهة لانتفاضات شبابية في بنغلاديش وسريلانكا المجاورتين، والتي أدت في السابق إلى إسقاط حكومات.
مستقبل غير واضح
وحتى الآن، لا يبدو أن التوتر في نيبال في طريقه إلى الانحسار. حيث يعكس استمرار الاحتجاجات رغم الاستقالة والتراجع عن الحظر مستوى عميقاً من انعدام الثقة بين المواطنين والحكومة.
ويشير مراقبون إلى أن أي حلول مستقبلية تتطلب إشراك شخصيات تتمتع بالمصداقية لدى الشارع، خصوصاً بين الشباب، لتجنب انزلاق البلاد إلى مزيد من عدم الاستقرار.
احتجاجات نيبال: من حظر وسائل التواصل إلى أزمة سياسية أعمق المصدر: