التصعيد الإسرائيلي – الإيراني يفتح نافذة للتهدئة في غزة

دعوة جديدة من إسرائيل بتسريع مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، جاءت بشكل مفاجئ تزامناً مع تواصل التصعيد ضد إيران، منذ مواجهاتهما التي بدأت الجمعة، بينما يتحدث الوسيط المصري عن «جهود حثيثة» لوقف إطلاق النار بالقطاع.
عودة مفاوضات غزة لحجز مقعد بالأحداث في ظل التصعيد بين إسرائيل وإيران، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تحمل سيناريوهين، إما أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يناور ويراوغ لتخفيف الضغوط الدولية المتصاعدة ضده، أو يريد تهدئة جبهة غزة وحشد جنوده لمواجهة التصعيد الإيراني غير المتوقع، و«الصعب».
وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الاثنين، مع رئيس الوزراء وزير خارجية فلسطين، محمد مصطفى «تقييم تطورات الأوضاع في قطاع غزة وتداعيات الهجمات الإسرائيلية على إيران على المنطقة»، مستعرضاً «مستجدات الجهود المصرية الحثيثة الرامية لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية، وذلك بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.
وشدد عبد العاطي على أن «استمرار التصعيد المتسارع في الشرق الأوسط والمواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران سيؤدى إلى تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار المنطقة»، مشيراً إلى أن «الاتصالات التي تقوم بها مصر سعياً للحد من التصعيد العسكري، واحتواء الموقف واللجوء إلى الحلول السياسية والدبلوماسية».
وجاء ذلك التأكيد المصري، غداة إعلان نتنياهو في مقطع فيديو مصور أنه أوعز «بتسريع» مفاوضات إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بعدما رأى «فرصة» لتحقيق ذلك مع الهجوم على إيران، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
كما جرى اتصال هاتفي، الأحد، بين عبد العاطي، ومبعوث واشنطن للشرق الأوسط، سيتف ويتكوف الذي كان مقترحه بشأن وقف إطلاق النار على طاولة المحادثات غير المباشرة، قبل اندلاع الهجوم الإسرائيلي على إيران والذي سبقه بيوم حديث مصادر في وفد «حماس» المفاوض بقطر خلال تصريحات صحافية عن أنه «تم تداول عدد من الأفكار الأيام الماضية مع الوسطاء بشأن اتفاق وقف إطلاق النار»، وتأكيد المكتب الإعلامي الدولي القطري في بيان، الأسبوع الماضي، وجود مفاوضات واقتراب من «تقدم حقيقي».
وتناول اتصال عبد العاطي وويتكوف بحسب بيان لـ«الخارجية» المصرية «التصعيد المتسارع في الشرق الأوسط على خلفية المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران وما تمثله من خطورة بالغة على أمن واستقرار المنطقة»، مؤكداً «ضرورة الحد من التصعيد العسكري واحتواء الموقف واللجوء إلى الحلول السياسية والدبلوماسية».
وانهارت الهدنة الثانية في 18 مارس (آذار) الماضي بعد شهرَيْن من انطلاقها، ولم تحقق مفاوضات مباشرة بين «حماس» وواشنطن في الدوحة مطلع الشهر الحالي أي اختراق.
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، يرى أن تصريحات نتنياهو تأتي في ظل سيناريوهين محتملين الأول، أنه مراوغة ومناورة منه كعادته لكسب مزيد من الدعم وتخفيف الضغط عليه وتشتيت الانتباه للأوضاع الصعبة التي تواجهها إسرائيل مع تجاوز الرد الإيراني سقف توقعاته، والثاني أنه ربما التصعيد بين إسرائيل وإيران فتح نافذة تهدئة في غزة وتبريد جبهتها قليلاً لتفرغ قواته لمواجهة التصعيد المحتمل أن يستمر على الأقل أسبوعين.
وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، فإن نتنياهو يريد تقليل وتيرة العمليات في غزة لصالح جبهة إيران المفتوحة السيناريوهات، وطرحه محاولة لتضليل العالم لا أكثر رغم حاجة القطاع لهذه الهدنة في أقرب وقت في ظل الظروف الإنسانية الصعبة الحالية بالقطاع والاهتمام الدولي المتراجع نسيباً بوقف الحرب بغزة.
ولا يزال الصوت الدولي خافت بشأن وقف إطلاق النار في غزة في ظل تطورات إيران، وصرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن نتنياهو تعهد لها خلال اتصال هاتفي، الأحد، ببذل المزيد من الجهود لإيصال المساعدات إلى غزة التي يعاني سكانها من نقص الغذاء، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي هذا الصدد، أكد وزير خارجية الأردن وهو أحد أعضاء اللجنة العربية بشأن غزة، أيمن الصفدي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيطالي أنطونيو تياني، ضرورة تكاتف كل الجهود لإنهاء التصعيد الإقليمي الذي يدفع المنطقة نحو مزيد من الصراع والتوتر.
وشدد الصفدي على «ضرورة ألّا تتراجع أولوية إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وما يسببه من كارثة إنسانية نتيجة تركيز المجتمع الدولي على إنهاء التصعيد الذي سببه العدوان الإسرائيلي على إيران»، وفق بيان لـ«الخارجية» الأردنية، الأحد.
وفي ظل تلك التطورات، استمر التصعيد الإسرائيلي بالقطاع، وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، في بيان، الاثنين، إن 40 شخصاً على الأقل قُتلوا بنيران إسرائيلية نصفهم قرب موقع لتوزيع المساعدات تشغله مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة في وقت ندد فيه مسؤولون في الأمم المتحدة بأساليب توزيع المساعدات التي تدعمها إسرائيل.
ولا يعتقد رخا أن نتنياهو جاد في ما يطرحه من التوصل لهدنة، خصوصاً في ظل عدم وجود ضغوط دولية كبيرة في ملف غزة واستمرار قتله وتجويعه للفلسطينيين، متوقعاً ألا تقبل «حماس» إلا بصفقة شاملة وألا تكون تسوية إيران مرتبطة بتسوية غزة على الأقل في هذه المرحلة على طاولة المفاوضات.
بينما يرى الرقب أن التهدئة أقرب من أي وقت مضى بوصفها فرصة إسرائيلية للتركيز أكثر في ظل التصعيد تجاه إيران رغم ما يحدث من تراجع اهتمام دولي بالحرب في غزة نظراً لتطورات إيران، متوقعاً أن تقبل «حماس» بأي مقترح يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار من باب تخفيف الضغوط على الشعب الفلسطيني.
التصعيد الإسرائيلي – الإيراني يفتح نافذة للتهدئة في غزة المصدر: