اخر الاخبار

الذكاء الاصطناعي ثورة في تشخيص الأشعة

أطلقت شركة «كورتيكال لابز» الأسترالية أخيراً أول كمبيوتر بيولوجي في العالم، بسعر 35000 دولار أميركي للوحدة.

«أول حاسوب بيولوجي»

وفي تطورٍ مستوحى من الخيال العلمي، أطلقت الشركة الناشئة ما أسمته «أول حاسوب بيولوجي بالرموز الكمبيوترية قابل للاستخدام في العالم» code-deployable biological computer، أو باختصار CL1، الذي طُرح لأول مرة في مارس (آذار) الماضي. ويدمج الجهاز خلايا الدماغ البشرية على شريحة سيليكون لمعالجة المعلومات عبر حلقات تغذية راجعة كهربائية خلال زمن لا يتجاوز الألف من الثانية.

دراسة تفاعل خلايا الدماغ مع المحفزات

صُمم جهاز CL1 باعتباره أداة موجهة لأبحاث علم الأعصاب والتكنولوجيا الحيوية، وهو يوفر طريقة جديدة لدراسة كيفية معالجة خلايا الدماغ للمحفزات، والمنبهات، وتفاعلها معها.

وبخلاف الأنظمة التقليدية القائمة على السيليكون، تستخدم هذه المنصة الهجينة خلايا عصبية بشرية حية قادرة على التكيف، والتعلم، والاستجابة للمدخلات الخارجية في الزمن الحقيقي.

رقائق إلكترونية تحمل خلايا دماغ بشرية

دماغ اصطناعية صغيرة

ونقل موقع مجلة «المهندسين الكهربائيين الأميركيين» الإلكتروني عن عالم الأعصاب النظري كارل فريستون من جامعة كلية لندن: «من وجهة نظري، يُمكن اعتبار CL أول حاسوب مُحاكٍ بيولوجي مُتاح تجارياً، وهو الأفضل في مجال الحوسبة العصبية الشكلية التي تستخدم الخلايا العصبية الحقيقية… ومع ذلك، فإن الهدية الحقيقية لهذه التقنية ليست لعلوم الكمبيوتر، بل لكونها تقنية تُمكّن العلماء من إجراء تجارب على دماغ اصطناعية صغيرة».

التسويق يبدأ هذا الصيف

سيبدأ شحن أول 115 وحدة هذا الصيف بسعر 35000 دولار أميركي للوحدة، أو 20000 دولار أميركي عند شرائها في رفوف خوادم تحتوي على 30 وحدة. كما تُقدم مختبرات «كورتيكال لابز» خدمة «البرمجيات الرطبة» بوصفها خدمة سحابية بسعر 300 دولار أميركي أسبوعياً للوحدة، ما يُتيح الوصول عن بُعد إلى مزارع الخلايا الداخلية.

اقراء ايضا  " الحج" تستعرض المنهجية المطوّرة للتصنيف وتقييم أداء شركات ومؤسسات العمرة

800 ألف خلية مزروعة

يحتوي كل كمبيوتر بيولوجي CL1 على 800000 خلية عصبية بشرية مزروعة في المختبر، ومُعاد برمجتها من الجلد، أو عينات دم متبرعين بالغين حقيقيين. تبقى الخلايا قابلة للحياة لمدة تصل إلى ستة أشهر، تغذيها منظومة دعم الحياة التي تُوفر العناصر الغذائية، وتتحكم في درجة الحرارة، وتُرشّح الفضلات، وتحافظ على توازن السوائل. في هذه الأثناء، تُطلق الخلايا العصبية الإشارات، وتُفسّرها، مُتكيّفةً مع كل تفاعل.

بفضل طاقة CL1 المدمجة، وحجمها الكبير، يُمكن أن تُصبح جاذبةً للتجارب المُوسّعة. يستهلك رفّ من وحدات CL1 الكمبيوتر الجديد بين 850 و1000 واط، أي أقلّ بكثير من عشرات الكيلوواط التي يتطلبها مركز بيانات يُشغّل أحمال عمل الذكاء الاصطناعي.

دراسة استجابات الدماغ

يقول بريت كاغان، الرئيس العلمي لشركة «كورتيكال لابز»: «تُولّد خلايا الدماغ نبضات كهربائية صغيرة للتواصل مع شبكة أوسع… يمكننا القيام بشيء مُشابه عن طريق إدخال نبضات كهربائية صغيرة تُمثّل أجزاءً من المعلومات، ثم قراءة استجاباتها. يقوم CL1 بذلك آنياً باستخدام شيفرة بسيطة مُجرّدة من خلال طبقات مُتفاعلة مُتعددة من البرامج الثابتة والأجهزة. وتقرأ خلال زمن لا يتجاوز الألف من الثانية المعلومات، وتتفاعل معها، وتكتب معلومات جديدة في مزرعة الخلايا».

دماغ على شريحة لتطوير الأدوية

يقول كاغان إن مختبرات «كورتيكال لابز» شهدت اهتماماً كبيراً من الجامعات والشركات الناشئة والهيئات الحكومية التي تستكشف تطبيقات في اكتشاف الأدوية، والحوسبة العصبية، وتسريع الذكاء الاصطناعي، وتعدين البيتكوين. كما تواصلت شركات عديدة واعدة من قطاعي الموسيقى والترفيه، وتستكشف الشركة فرص تعاون تدمج الحوسبة البيولوجية مع الفن التجريبي، مثل مشروع حديث درس في البداية استخدام CL-1 للتواصل مع خلايا دماغ ملحن متوفى، لكنه اختار في النهاية نظاماً مختلفاً.

تعتبر مختبرات «كورتيكال لابز» الكمبيوتر بمثابة «تكنولوجيا منصة» أساسية لاكتشاف الأدوية، ونمذجة الأمراض التي تستهدف حالات مثل الصرع، ومرض ألزهايمر. ويقول كاغان: «بما أننا نستخدم خلايا الدماغ البشرية باعتبار أنها جهاز لمعالجة المعلومات، يمكننا استخدام متبرعين أو سلالات خلوية مختلفة للعثور على روابط جينية قد تمثل مرضاً، أو مجرد اختلافات فردية».

اقراء ايضا  صقل مهارات 60 موهوباً وموهوبة من مدارس جدة في الأمن السيبراني - أخبار السعودية

يشير كاغان إلى أن الأدوية النفسية العصبية تُسجّل بعضاً من أعلى معدلات الفشل في التجارب السريرية، ويعود ذلك جزئياً إلى فشل النماذج ما قبل السريرية الحالية في رصد وظيفة خلايا الدماغ الفعلية، أي كيفية معالجة الخلايا للمعلومات في الوقت الفعلي.

نموذج مطور

يعتمد نظام CL1 على النموذج الأولي الأصلي لـنظام «دش برين» DishBrain من نفس الشركة، والذي درّب مزارع الخلايا على لعب لعبة الأركيد الكلاسيكية «بونغ» في بيئة محاكاة. وتعلمت هذه المزارع تتبع الكرة، والتحكم في المضرب، ما أظهر سلوكاً موجهاً نحو الهدف في المختبر.

أفادت ورقة بحثية نُشرت في مجلة «Neuron» عام 2022 بتعلم الخلايا في غضون دقائق من اللعب، حيث تنظم الخلايا العصبية نفسها، وتتكيف مع التغذية الراجعة الحسية. وفي تجارب أخرى، وجدت الشركة أن هذه الشبكات البيولوجية غالباً ما تتفوق على خوارزميات التعلم المعزز العميق في كفاءة العينات، وتحسين التعلم.

طبقت تجربة «دش برين» التجريبية مبدأ الطاقة الحرة لكارل فريستون لاختبار إمكانية ظهور الاستدلال النشط -آلية الدماغ لتقليل المفاجأة من خلال التغذية الراجعة- في الأنظمة العصبية البيولوجية. ويصف فريستون، الذي طور هذا الإطار في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تقنية CL1 بأنها «إنجاز رائع»، و«خاتمة سنوات من الابتكار النظري والفيزيائي الحيوي».

ويُضيف فريستون: «يُتيح هذا النظام دراسة آثار التحفيز والأدوية والإصابات الاصطناعية على كيفية تعلم الدوائر العصبية، واستجابتها في بيئة مغلقة عندما تكون الشبكة العصبية في حالة تبادل مع عالم من المُحاكاة». «باختصار، أصبح لدى التجريبيين الآن (دماغ في وعاء) صغير، وهو أمرٌ طالما حلم به الفلاسفة لعقود».

الحوسبة البيولوجية… توسع مذهل

يُمثل CL1 توسعاً كبيراً عن سلفه «دش برين»، إذ يُضيف نظام دعم الحياة على متنه، ويزيد من مُدخلاته من 8 إلى 59، ويُقلل زمن الوصول من 5مللي ثانية إلى مستويات أقل من مللي ثانية.

اقراء ايضا  إعادة افتتاح 165 مدرسة في غزة، والضفة الغربية تواجه عنفا وانتهاكات خطيرة

وتخطط مختبرات «كورتيكال لابز» لتحسين أداء الكمبيوتر البيولوجي بشكل مُطرد مع مرور الوقت، مُستعينةً بقابلية التوسع الطبيعية في علم الأحياء. يقول كاغان: «في حين أن إنتاج 100000 خلية عصبية يكلفنا مبلغاً كبيراً، فإن إنتاج مليون خلية يكلفنا جزءاً ضئيلاً فقط، ولا يزيد كثيراً عن إنتاج 100 مليون خلية، لأن علم الأحياء ينمو بشكل كبير». ويضيف: «لن تواجه صعوبة في توسيع نطاق زراعة الخلايا إلى مستوى مليار أو تريليون خلية، كما هو الحال في اللحوم المزروعة في المختبر، حينها ستضطر إلى استخدام تقنية مختلفة. لكن إنتاج مئات الملايين أمر سهل للغاية».

مهارات وأخلاقيات المستخدمين

في حين أن مختبرات «كورتيكال لابز» لا تسعى إلى السيطرة على تطبيقات CL1، فإنها تشترط على العملاء الحصول على موافقة أخلاقية لإنتاج سلالات خلوية. يجب على مشتري الوحدات المادية أيضاً أن يكون لديهم مختبر زراعة خلايا مناسب. يقول كاغان: «لا نريد شخصاً يفتقر إلى المهارات، أو القدرة، أو السلامة. إنه ليس شيئاً يجب القيام به في مرأبك».

يتمثل هدف الشركة على المدى الطويل في إطلاق العنان لذكاء بشري باستخدام خلايا الدماغ. يُصوّر كاغان «الذكاء المُهندَس بيولوجياً» بأنه خطوة تتجاوز نماذج الدماغ في طبق، بهدف تصميم مزارع الخلايا العصبية لأداء وظائف قد تتجاوز في النهاية القدرات البشرية التقليدية.


الذكاء الاصطناعي ثورة في تشخيص الأشعة المصدر:

زر الذهاب إلى الأعلى
إنضم لقناتنا على تيليجرام