السودان – الحرب تفاقم معاناة النساء والأطفال ودعوة أممية إلى عدم التخلي عنهم

في ختام زيارة إلى بورتسودان، دق رضوان نويصر خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان ناقوس الخطر بشأن تدهور الوضع في خضم تصاعد الأعمال العدائية.
وقال الخبير الأممي المعين من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان: “كل يوم يستمر فيه النزاع في السودان، تُفقد أرواح بريئة، وتتمزق المجتمعات، وتستمر الصدمات في مطاردة الأجيال. لقد دمرت الحرب المستمرة حياة المدنيين وحولت البقاء اليومي إلى صراع مستمر”.
وأضاف نويصر: “لا زلت قلقا للغاية من الانتهاكات والتجاوزات واسعة النطاق ضد المدنيين في السودان، بما فيها عمليات القتل خارج نطاق القانون، والعنف الجنسي، والتهجير القسري، والاحتجاز التعسفي. ومع استمرار النزاع، يتدهور وضع حقوق الإنسان والوضع الإنساني بوتيرة مقلقة”.
وخلال زيارته إلى بورتسودان، التقى نويصر العديد من المسؤولين السودانيين، مشيرا إلى أن مناقشاته معهم اتسمت بالصراحة والشفافية. والتقى أيضا بمجتمعات النازحين.
وأضاف الخبير الأممي قائلا: “استمعت مباشرة من النساء النازحات داخليا في موقع يستضيف الأسر التي تعيلها نساء، واللواتي روين تأثير النزاع على حياة الأشخاص الذين أجبروا على الفرار. وعلى وجه الخصوص، يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبات هائلة في مغادرة مناطق النزاع، ونقص الخدمات في مناطق النزوح”.
نساء السودان يتحملن العبء الأكبر
بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان مع تصاعد المجاعة والنزاع، تتحمل النساء والفتيات العبء الأكبر. وكشف تقرير جديد نشرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة اليوم الثلاثاء أن الأسر التي ترأسها نساء تواجه خطرا مضاعفا بثلاث مرات لانعدام الأمن الغذائي الشديد مقارنة بالأسر التي يرأسها رجال.
وفقا للتقرير، فإن 75 في المائة من الأسر التي تعيلها نساء لا تستطيع تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية، وقد تضاعف انعدام الأمن الغذائي الشديد تقريبا في عام واحد. تُغذّي هذه الأزمة أوجه عدم المساواة المنهجية بين الجنسين، والتي تتفاقم بسبب النزاع والنزوح.
ومع ازدياد عدد النساء اللواتي تقع عليهن مسؤولية إعالة الأسر – غالبا بسبب وفاة أو اختفاء الأقارب الذكور – فإنهن يواجهن أصعب الحواجز أمام الحصول على الغذاء والدخل والمساعدات.

حالة طوارئ جنسانية
وقالت سالفاتور نكورونزيزا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في السودان: “مع وصول الظروف الآن إلى عتبات المجاعة في عدة مناطق بالبلاد، فإنها ليست مجرد أزمة غذاء، بل هي حالة طوارئ جنسانية ناجمة عن فشل في العمل المستجيب للنوع الاجتماعي”.
وأوضحت أن النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر لانعدام الأمن الغذائي الشديد، مع موارد أقل، ووصول أقل إلى المساعدات، وتعرض أكبر للمخاطر.
في جميع أنحاء السودان، تعمل المنظمات التي تقودها النساء على تشغيل مطابخ الطعام، وتقديم الوجبات، ودعم الأسر النازحة – غالبا دون تمويل كافٍ. وقد اضطرت إحدى هذه المنظمات العاملة في ثماني ولايات إلى إغلاق أكثر من نصف مطابخها بسبب نقص الموارد.
أطفال السودان يموتون بالجوع والمرض
شيلدون يت، ممثل منظمة اليونيسف في السودان أعرب عن أسفه إزاء تدهور وضع الأطفال بسرعة في جميع أنحاء البلاد، محذرا من أن الأطفال يموتون بسبب الجوع والمرض والعنف المباشر وأنهم يُحرمون من الخدمات التي يمكن أن تنقذ حياتهم.
وتحدث ممثل اليونيسف إلى الصحفيين في جنيف اليوم الثلاثاء، مشيرا إلى أنه سافر من بورتسودان إلى ولايتي الجزيرة والخرطوم، خلال الأسبوع الماضي، وشهد تأثير هذه الأزمة – وهي أكبر أزمة إنسانية في العالم – على الأطفال والعائلات.
وأضاف: “هذا الأمر ليس افتراضيا. إنها كارثة وشيكة. نحن على وشك أن يلحق ضرر لا رجعة فيه بجيل كامل من الأطفال – ليس لأننا نفتقر إلى المعرفة أو الأدوات لإنقاذهم، ولكن لأننا نفشل جماعيا في التصرف بالسرعة والنطاق الذي تتطلبه هذه الأزمة. نحن بحاجة إلى الوصول إلى هؤلاء الأطفال”.
وتابع قائلا: “خلال المهمة، رأيت منازل ومبانٍ مدمرة. رأيت مستودعنا في الخرطوم وقد نُهب وتحول إلى ركام. رأيت إمداداتنا الإنسانية في ذلك المستودع قد دُمرت. رأيت مجتمعات اقتُلعت من جذورها وأطفالا أُجبروا على الفرار يعيشون في أحياء مكتظة”.

وقال ممثل اليونيسف إنه زار منطقة جبل أولياء، إحدى المنطقتين في ولاية الخرطوم اللتين تم تحديدهما على أنهما معرضتان لخطر المجاعة الشديد وتفشي الكوليرا، مشيرا إلى أن المراكز الصحية القليلة ومراكز علاج سوء التغذية العاملة في المنطقة مكتظة للغاية ومليئة بالناس.
رغم أن الوضع الأمني لا يزال محفوفا بالمخاطر، قال ممثل اليونيسف إن المنظمة وشركاءها يبذلون قصارى جهدهم ويواصلون دعم خدمات الصحة والتغذية، والمياه والصرف الصحي، وإعادة تموضع الإمدادات الحيوية حيث تشتد الحاجة إليها. كما تقوم المنظمة بإنشاء مساحات آمنة للأطفال للتعلم واللعب والتعافي.
وأوضح أن العديد من شركاء اليونيسف في ولاية الخرطوم وأماكن أخرى في السودان اضطروا إلى تقليص نطاق عملهم بسبب التخفيضات الأخيرة في التمويل. وأكد الحاجة إلى الموارد والوصول المستدام “لنتمكن من توسيع نطاق العمل بسرعة في المناطق التي يمكننا الوصول إليها الآن”.
واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة ألا يدير العالم ظهره لأطفال السودان.
السودان – الحرب تفاقم معاناة النساء والأطفال ودعوة أممية إلى عدم التخلي عنهم المصدر: