اخر الاخبار

“العمل الإنساني التزام أخلاقي” – قصة طبيب عاد من التقاعد لمواجهة “الخطر الصامت” في غزة

لكن هذا التقاعد لم يدم طويلا. فمع تصاعد حدة الأزمة في غزة، وعودة ظهور مرض شلل الأطفال، قرر العودة إلى الميدان. هذه العودة لم تكن مجرد مهمة وظيفية، بل كانت، كما يصفها، “رسالة وفاء” لمهنته، ولأطفال غزة، وللمؤسسة التي منحته الكثير.

كانت عودة الدكتور يونس مدفوعة بـ “إحساس داخلي عميق بالمسؤولية والانتماء”. وقال لأخبار الأمم المتحدة: “شعرت أن خبرتي ومعرفتي الميدانية الطويلة يمكن أن تحدث فرقا في هذه الأوقات الحرجة”.

الدكتور يونس عوض الله، الحائز على تكريم "قائمة TIME100 للصحة".

“الخطر الصامت في غزة”

قصة الدكتور يونس كانت محور فيلم بعنوان: “الخطر الصامت في غزة” أعدته منظمة اليونيسف بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل الإنساني. تؤكد المنظمة أن الفيلم يعد بمثابة شهادة قوية على صمود العاملين في المجال الإنساني الذين يتصدّون لمخاطر النزاع.

يتتبع الفيلم الوثائقي – ومدته 32 دقيقة – الدكتور يونس عوض الله، الحائز على تكريم “قائمة TIME100 للصحة”، وزميلته فيروز أبو وردة، اللذين قاما، خلال فترات قصيرة من وقف إطلاق النار العام الماضي، بتوصيل لقاحات منقذة للحياة للأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة.

وأوضحت اليونيسف أن شجاعتهما تؤكد حقيقة جوهرية وهي أنه عندما يتم الالتزام بالمبادئ الإنسانية، وحماية العاملين ومنحهم وصولا آمنا وفي الوقت المناسب، يمكن إنقاذ الأرواح حتى في أكثر البيئات هشاشة.

وأكدت اليونيسف أن شجاعة العاملين في المجال الإنساني، مثل الدكتور يونس والسيدة فيروز، تعزز الحاجة الماسة إلى العمل القائم على المبادئ والمحاسبة الدولية.

اقراء ايضا  أمطار خفيفة على منطقة نجران

يروي الدكتور يونس لأخبار الأمم المتحدة كيف كان الإرهاق والجوع والخوف جزءا من روتينهم اليومي تحت القصف المستمر من الجو والبحر، ومع ذلك كانت الأولوية لديهم هي الحفاظ على فعالية التطعيم وضمان سلسلة التبريد، والوصول إلى كل طفل. ويتذكر اللحظات التي كان يرى فيها زملاءه يسقطون من شدة التعب، ثم يعودون فورا لاستئناف العمل.

الدكتور يونس عوض الله، الحائز على تكريم "قائمة TIME100 للصحة"، وزميلته فيروز أبو وردة، اللذين قاما، خلال فترات قصيرة من وقف إطلاق النار العام الماضي، بتوصيل لقاحات منقذة للحياة للأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة.

شهادة حية على قوة الإرادة

ويشير الدكتور يونس إلى أن كل مشهد في حملة التطعيم – من ابتسامة طفل أو إصرار الفرق العاملة على الوصول لأبعد بيت رغم الصعوبات الأمنية وخطورة التحرك – كان يذكره بأن “العمل الإنساني لا يمكن التقاعد عنه”.

وتابع قائلا: “أنا أقدم عملا إنسانيا، وحتى وإن تقاعدت فهذا لا يسري على العمل الإنساني. توثيق المرحلة في فيلم (الخطر الصامت في غزة) لم يكن مجرد فيلم أو تصوير للأحداث، بل كان شهادة حية على قوة الإرادة وقوة الأمل”.

ويرى أن كل لقطة في الفيلم كانت بمثابة “رسالة للعالم بأن غزة رغم الجراح ورغم الموت وصعوبة الحياة قادرة على النهوض وحماية أطفالها”.

حماية العاملين الإنسانيين “ليست رفاهية”

رغم المخاطر التي تهدد حياتهم، يواصل الدكتور يونس وزملاؤه العاملون في المجال الإنساني بغزة عملهم تحت القصف المستمر. “الخوف لا يعرف طريقا إلى قلوبهم”، كما يقول الدكتور يونس، مضيفا: “نسمع الانفجار ثم بعد ذلك نذهب لنمارس عملنا. نسير تجاه هدفنا ونحن قد اعتدنا على هذا الأمر”.

وأشار إلى “استشهاد أكثر من 350 من الكوادر الطبية” وإصابة مئات واعتقال أكثر من 1,300. ولهذا، يوجه نداء للعالم بأن حماية من يمدون يد العون “ليست رفاهية، بل هي شرط أساسي لضمان وصول الحياة والأمل للمحتاجين”، وأنها “واجب إنساني” لا يقل أهمية عن تقديم المساعدة نفسها.

الدكتور يونس عوض برفقة فريق التطعيم ضد الشلل في غزة.

بث الأمل في نفوس الناس

بعد عقود من الخبرة، قال الدكتور يونس إنه تعلم أن الإنسان يمتلك قدرة مذهلة على الصمود تفوق التصور: “المرونة ليست غياب الألم والمعاناة، بل هي القدرة على الاستمرار والنهوض رغم المآسي. رأيت أمهات يبتسمن ويضحكن لأطفالهن رغم النزيف والألم. رأيت مرضى يواجهون الألم بابتسامة وبأمل”.

اقراء ايضا  ما هي الفوائد المتعددة للتعاون مع مكاتب ترجمة معتمدة لسفارة المانيا

ويرى أن دورهم باعتبارهم عاملين إنسانيين يتجاوز تقديم العلاج والمساعدة المادية ليشمل “تعزيز وبث الأمل في نفوس الناس ودعمهم نفسيا والمحافظة على قوتهم في مواجهة المشاكل”.

قصة الدكتور يونس كانت محور فيلم بعنوان: "التهديد الصامت لغزة" أعدته منظمة اليونيسف بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل الإنساني.

العمل الإنساني ليس مجرد مهنة

وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، يوجه الدكتور يونس تحية إجلال لكل من يختار السير نحو الخطر بدلا من الابتعاد عنه. ويقول: “نحن نرمي بأنفسنا إلى التهلكة في سبيل الآخرين”.

ويضيف أن العاملين الإنسانيين في غزة وفي كل مكان من العالم – على اختلاف تخصصاتهم – “هم شهود على أن الرحمة لا تعرف الحدود وأن التضامن الإنساني يمكن أن يزدهر حتى أثناء الحروب أو وسط الركام”.

واختتم حديثه بالقول: “رسالتي اليوم هي أن العمل الإنساني ليس مجرد مهنة، بل التزام أخلاقي وإنساني. أنا تركت أسرتي ولم أرها منذ عامين بدافع إيماني بهذا العمل”.

وأعرب عن أمله في أن يتمكن من الالتقاء مجددا بأسرته قريبا.


“العمل الإنساني التزام أخلاقي” – قصة طبيب عاد من التقاعد لمواجهة “الخطر الصامت” في غزة المصدر:

زر الذهاب إلى الأعلى
إنضم لقناتنا على تيليجرام