النشاط البدني سلاح ضدَّ الجفاف وارتفاع الحرارة
أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا الأميركية أنّ اللياقة البدنية العالية قد تمنح الجسم قدرة أكبر على التكيُّف مع الجفاف، مما يساعد على الحفاظ على النشاط والأداء حتى في ظلّ الظروف البيئية القاسية.
وأوضح الباحثون أن النتائج تُضيء على دور اللياقة البدنية بكونها عاملاً وقائياً مُحتملاً ضدّ آثار الجفاف، مما قد يكون له تطبيقات مهمّة في عالم ترتفع فيه درجات الحرارة وتقلّ فيه مصادر المياه. ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «فيسيولوجي آند بيهيفيير».
ويُعدّ الجفاف من الحالات الشائعة التي تحدث عندما يفقد الجسم كميات كبيرة من الماء والأملاح من دون تعويضها، سواء بسبب الحرارة المرتفعة أو التعرُّق الشديد أو قلّة شرب السوائل.
وعادةً ما تظهر أعراضه في صورة عطش شديد وإرهاق وانخفاض في النشاطين الذهني والبدني. وعند التعرُّض له، يبدأ الجسم في تفعيل آليات دفاعية للحفاظ على توازنه، مثل تقليل إفراز العرق، وزيادة تركيز البول، وتحفيز الشعور بالعطش لتعويض النقص. كما يسهم الانتظام في ممارسة النشاط البدني في تحسين كفاءة القلب والدورة الدموية، مما يساعد الجسم على تحمُّل الإجهاد الحراري وتقليل التأثيرات السلبية لنقص الماء.
وخلال الدراسة، اعتمد الفريق البحثي على فئران مخبرية جرى تربيتها انتقائياً لأكثر من 30 عاماً لتصبح أكثر نشاطاً من الفئران العادية. وقورن أداؤها مع فئران عادية خلال تجربة استمرَّت أسبوعاً، سُمح فيها للفئران بالجري الطوعي على عجلات لمدة 6 أيام، ثم حُرِم نصف عدد الفئران من الماء لمدة 24 ساعة، بينما استمرَّ النصف الآخر في الحصول عليه.
جاءت النتائج مدهشة، وفق الفريق، إذ زادت الفئران عالية اللياقة من نشاطها البدني رغم حرمانها من الماء، فركضت لمسافات أطول وبسرعة أكبر مقارنةً بالفئران العادية، حتى بعد فقدانها جزءاً من وزنها نتيجة الجفاف.
وأوضح الباحثون أنّ هذا السلوك قد يعود إلى ظاهرة تُعرف باسم «استبدال المكافأة»، إذ يستبدل الدماغ المكافأة التي يحصل عليها من شرب الماء بمكافأة بديلة ناتجة عن ممارسة نشاط آخر مثل الجري.
وأشاروا إلى أنّ اللياقة العالية قد تُمكّن الجسم والدماغ من التعامل مع الإجهاد الناتج عن نقص المياه بشكل أكثر كفاءة، وهو ما قد يحمل أهمية تزداد في عالم ترتفع فيه درجات الحرارة وتتراجع فيه موارد المياه.
ومع ذلك، شدَّد الفريق على أنّ الدراسة لا توصي بتقليل شرب الماء، وكان الهدف منها هو فَهْم العلاقة بين اللياقة البدنية وقدرة الجسم على التكيُّف مع ظروف الجفاف، وليس الحضّ على ممارسة التمارين من دون ترطيب كافٍ.
وفيما يتعلّق بأهمية النتائج للبشر، أوضح الباحثون أنّ اللياقة البدنية العالية قد تمنح الأفراد قدرةً أفضل على الحفاظ على الأداء الجسدي في بيئات حارَّة وجافة، مثل العاملين في مجالات الزراعة والبناء الذين يتعرَّضون لدرجات حرارة مرتفعة وفرص محدودة لشرب الماء.
النشاط البدني سلاح ضدَّ الجفاف وارتفاع الحرارة المصدر: