اخر الاخبار

اليونان تعلن تخفيضات ضريبية بقيمة 1.9 مليار دولار

من «كوفيد» إلى أوكرانيا: كيف أثّرت الأزمات على مالية فرنسا؟

يواجه رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو تصويتاً على الثقة بحكومته، يوم الاثنين، والذي يُتوقع أن يخسره، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو.

لقد أصبح المشهد السياسي في فرنسا أكثر تعقيداً منذ أن خاض الرئيس إيمانويل ماكرون رهانه السياسي باستدعاء انتخابات نيابية مبكرة في عام 2024، ما أسفر عن برلمان منقسم بشدة. وانخفض عدد أعضاء تحالفه الحاكم، الذي فقَدَ أغلبية مقاعده منذ إعادة انتخاب ماكرون في عام 2022، بينما برز حزب «الرابطة الوطنية» اليميني المتطرف بصفته أكبر حزب في البرلمان. وضعف نفوذ ماكرون في البرلمان مع تضخم الدين العام الفرنسي، جزئياً بسبب سياساته الإنفاقية خلال أزمتيْ «كوفيد-19» وارتفاع تكاليف المعيشة.

كما يواجه الاقتصاد الفرنسي ضغوطاً كبيرة لإصلاح أوضاعه المالية، إذ ارتفع الدين العام إلى 113.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكان عجز الموازنة، العام الماضي، ضِعف الحد المسموح به من الاتحاد الأوروبي (3 في المائة).

وعَدَّ أن هناك حاجة لاتخاذ قرارات صعبة، فسعى بايرو، السياسي المخضرم من «اليمين الوسط» ورئيس الوزراء الرابع لماكرون منذ إعادة انتخابه، إلى إقرار موازنة عام 2026 تتطلب توفير 44 مليار يورو (51.51 مليار دولار)، من خلال إجراءات تقشفية تشمل تجميد المعاشات التقاعدية، وخفض الإنفاق على الرعاية الصحية، وإلغاء يوميْ عطلة رسميين.

اقراء ايضا  "التجارة" تشهّر بمواطن ومقيم بتهمة التستر في نشاط أجهزة التبريد

فرنسوا بايرو يلتقط صورة له في حديقة قصر ماتينيون المقر الرسمي لرئيس الوزراء الفرنسي (أ.ف.ب)

أثار هذا ردود فعل غاضبة من المعارضة. وبملاحظة صعوبة إقرار الموازنة، دعا بايرو إلى تصويت ثقة في مجلس النواب بشأن استراتيجيته المالية، في خطوةٍ عَدّتها المعارضة بمثابة «انتحار سياسي». وأكدت أحزاب المعارضة أنها ستصوّت ضد بايرو، ولديها عدد كافٍ من النواب لإسقاطه.

ويحتاج بايرو إلى دعم برلماني لفرض إجراءات تقشف مِن شأنها خفض الدين العام لفرنسا، لكن أحزاب المعارضة الرئيسية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أعلنت رفضها خطة رئيس الوزراء.

ماكرون والدين العام

كثيراً ما تتهم أحزاب المعارضة ماكرون بزيادة الدين العام بأكثر من تريليون يورو، منذ وصوله إلى السلطة في ربيع 2017، وغالباً ما يُعزى هذا الارتفاع إلى «تخفيضاته الضريبية» لصالح الأثرياء. لكنْ هل هذا الرقم دقيق؟

عندما تولّى ماكرون منصبه في يونيو (حزيران) 2017، كان الدين العام يبلغ 2.281 تريليون يورو. وبحلول مارس (آذار) 2025، وصل إلى 3.345 تريليون يورو. هذه الزيادة البالغة 1.064 تريليون يورو تتوافق مع الرقم الذي كثيراً ما يجري تداوله، وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية.

لكن الخبراء الاقتصاديين يَعدّون مقارنة الأرقام المطلقة ليست الطريقة الأكثر دقة لقياس الوضع المالي للبلاد. ففي الفترة نفسها، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي، الذي يمثل ثروة البلاد، بنسبة 30 في المائة. وكما يوضح الخبير الاقتصادي كزافييه راغو، رئيس المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية: «البلد الذي يمتلك ناتجاً محلياً إجمالياً أعلى يمكنه تحمُّل ديون أكبر؛ لأنه كلما زادت الثروة، زادت إمكانيات فرض الضرائب لسداد الدين».

لذلك يفضّل الخبراء استخدام نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. في عام 2017، كانت نسبة الدين تمثل 101 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما وصلت، اليوم، إلى 113.9 في المائة. وهذا يعني أن الدين زاد بمقدار 13 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. إذا كان الدين قد استقر عند مستوى 2017، لكان، اليوم، أقل بنحو 400 مليار يورو. هذا الرقم الأخير هو ما يمنح إحساساً أدق بحجم الدين الإضافي الذي تراكم في عهد ماكرون.

اقراء ايضا  الأمين العام يحث إيران على مناشدة الحوثيين الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة المعتقلين

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء فرنسوا بايرو في حفل وداع لتييري بوركارد رئيس الأركان السابق للقوات المسلحة (رويترز)

العجوزات: هل كانت حتمية أم اختيارية؟

يعود نمو الدين، على مدى السنوات الثماني الماضية، إلى العجز المستمر في الموازنة، حيث تجاوزت النفقات الإيرادات بشكل سنوي. هناك سببان رئيسيان يفسران «عجوزات ماكرون»: الأزمات الاقتصادية وتخفيضات الضرائب.

 

1- نفقات الأزمات:

  • جزء كبير من زيادة الدين يرجع إلى النفقات الاستثنائية التي أنفقتها حكومات ماكرون لمواجهة أزمتين رئيسيتين:
  • جائحة «كوفيد-19» (2020-2021): شملت نفقات الرعاية الصحية، واستراتيجية «مهما كلّف الأمر» لإبقاء الشركات على قيد الحياة، بالإضافة إلى خطة التحفيز الاقتصادي.
  • أزمة الطاقة في 2022: تسببت فيها الحرب بأوكرانيا والتضخم، وشملت سياسات احتواء تكاليف الطاقة المتصاعدة.

وفقاً لدراسة رئيسية للمرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية، نُشرت في ربيع 2024، فإن هذه النفقات المرتبطة بالأزمات وحدها مسؤولة عن ما بين نصف وثلاثة أرباع الزيادة في الدين بين عاميْ 2017 و2023. وعلى الرغم من أن هذه النفقات تبدو حتمية، لكن هناك خيارات سياسية كانت متاحة، على سبيل المثال «كان تعامل فرنسا مع أزمة الطاقة أكثر تكلفة من ألمانيا». وهذا يعني أن ماكرون لا يمكن إعفاؤه تماماً من مسؤولية هذه الزيادة في الدين، حتى لو كان من المرجَّح أن قادة آخرين كانوا سيتخذون خيارات مماثلة، وفق الصحيفة الفرنسية.

 

2- تخفيضات الضرائب:

الجزء المتبقي من زيادة الدين، منذ عام 2017؛ أي ما بين الربع والنصف، يمكن إرجاعه إلى خيارات سياسية «تقديرية» أكثر. وفقاً لحسابات المرصد الفرنسي، فإن التخفيضات الضريبية التي نُفّذت في عهد ماكرون تمثل «ربع إلى نصف» الزيادة في الدين.

من ناحية، لم ترفع حكومات ماكرون الإنفاق العام بشكل هيكلي، والذي ظل مستقراً إلى حد كبير (باستثناء فترات الأزمات). ومن ناحية أخرى، انخفضت إيرادات الدولة من الضرائب بشكل كبير: حيث أصبحت تمثل، الآن، 2.2 نقطة مئوية أقل من الناتج المحلي الإجمالي مما كانت عليه في عام 2017؛ أي ما يعادل 65 مليار يورو أقل كل عام.

اقراء ايضا  وزير الاستثمار يستعرض علاقات التعاون مع الرئيس التونسي

إذن، هل كانت سياسات ماكرون السبب الرئيسي في زيادة الدين؟ الإجابة ليست بالبساطة التي تطرحها المعارضة، فالواقع أكثر تعقيداً ويشمل مزيجاً من الأزمات العالمية والخيارات السياسية المحلية، وفق «لوموند».


اليونان تعلن تخفيضات ضريبية بقيمة 1.9 مليار دولار المصدر:

زر الذهاب إلى الأعلى
إنضم لقناتنا على تيليجرام