بأغلبية ساحقة، الجمعية العامة تعتمد قرارا يطالب بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة

كما طالب القرار إسرائيل بصفتها “السلطة القائمة بالاحتلال بإنهاء الحصار فورا وفتح جميع المعابر الحدودية وضمان وصول المساعدات إلى السكان المدنيين الفلسطينيين” في جميع أنحاء القطاع وعلى نطاق واسع.
وقد أدان القرار بشدة “أي استخدام لتجويع المدنيين كأسلوب في القتال واللجوء بطرق غير شرعية إلى منع إيصال المساعدات الإنسانية”، وشدد على واجب “عدم حرمان المدنيين في قطاع غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة بالإصرار عمدا على عرقلة توفير إمدادات الإغاثة ووصولها”.
حمل القرار عنوان: “حماية المدنيين والتمسك بالالتزامات القانونية والإنسانية”، وتضمن 21 بندا تنفيذيا، من بينها المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس وغيرها من الجماعات وعن جميع المحتجزين تعسفا “بطريقة تحفظ كرامتهم”، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2730، الذي طالب – من بين أمور أخرى – بعودة الفلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم والانسحاب التام للقوات الإسرائيلية من القطاع.
وأعربت الجمعية العامة في قرارها عن دعمها لخطة الأمم المتحدة المنسقة لاستئناف إيصال المساعدات، وأكدت أن وكالة الأونروا “هي العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في قطاع غزة”، مؤكدة رفض الإجراءات التي تقوض تنفيذ ولاية الوكالة المنوطة بها من قبل الجمعية نفسها.
وشددت على ضرورة المساءلة “بغية ضمان احترام إسرائيل التزاماتها بموجب القانون الدولي” وأهابت بالدول أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان امتثال إسرائيل للالتزامات الواقعة على كاهلها. وكررت الجمعية العامة تأكيد التزامها بحل الدولتين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، بحيث يكون قطاع غزة “جزاء من الدولة الفلسطينية”.
واستأنفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة حول الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة والتي عُقدت للمرة الأولى في نيسان/أبريل عام 1997.
ويأتي استئناف هذه الجلسة بعد أن استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض “الفيتو”، مؤخرا، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بالوقف الفوري والدائم وغير المشروط لإطلاق النار في غزة، قدمته الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس.
رئيس الجمعية العامة
في افتتاح الدورة المستأنفة، قال رئيس الجمعية العامة، فيليمون يانغ، إنه بعد 20 شهرا من الحرب، “يجب أن تنتهي أهوال غزة”، وشدد على أنه على الرغم من إلحاح المسألة، فإن مجلس الأمن “لا يزال مشلولا بشأن هذه القضية، وغير قادر على الوفاء بمسؤوليته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين”.
وقال إنه “من غير المقبول أن يستمر قتل المدنيين الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال، دون نهاية تلوح في الأفق، وأن يستمر احتجاز الرهائن، وأن يُحرم المدنيون عمدا من الطعام والماء والدواء، وأن يستمر تهجيرهم قسرا”.
وأكد السيد يانغ أن الجمعية العامة مدعوة اليوم إلى التحرك، وأضاف: “يجب علينا أن نترجم التزامنا بميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والعدالة، وكرامة وقيمة كل إنسان إلى عمل هادف على أرض الواقع”. وقال إن هذه القيم “ليست مجرد مُثُل عليا. إنها أساس الأمل والسلام”.
وأوضح أن الاجتماع رفيع المستوى بشأن تنفيذ حل الدولتين المقرر عقده في نيويورك الأسبوع المقبل سيعطي الدول فرصة لإظهار تصميمها على تحقيق السلام في الأرض الفلسطينية المحتلة.

إسبانيا
واستعرض مندوب إسبانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير هيكتور خوسيه غوميز مشروع القرار، والذي قال إنه يطالب أطراف النزاع في غزة بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، “وبالتيسير الفوري والدائم لدخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع إلى غزة، بما في ذلك الغذاء والإمدادات الطبية والوقود والمعدات والمأوى، وتوفير مياه الشرب النظيفة، بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق”.
وقال إن مشروع القرار يؤكد أيضا على التزام أطراف النزاع المسلح باحترام وحماية السكان المدنيين، ويدعو جميع الدول إلى احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة.
وأضاف أن مشروع القرار يرفض رفضا قاطعا “أي محاولات للتغيير الديموغرافي في قطاع غزة والضفة الغربية”، ويدين جميع خطط التهجير القسري الفردي أو الجماعي.
في هذا السياق، قال السيد غوميز إن مشروع القرار يطالب أيضا بالوقف الفوري لبناء المستوطنات وتوسيعها، ومصادرة الأراضي وهدم المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. كما يدعو إلى اتخاذ تدابير فورية وملموسة للحفاظ على وحدة أراضي الأرض الفلسطينية المحتلة، “بما فيها القدس الشرقية، ولضمان توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية”.
وقال السفير الإسباني إنه يتعين على المجتمع الدولي “إطلاق رسالة قوية” بشأن الوضع في غزة، ودعا جميع الدول الأعضاء، بقوة، إلى التصويت لصالح مشروع القرار.

فلسطين
رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة دعا الدول الأعضاء إلى التصويت لصالح القرار، قائلا إن على العالم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإنهاء ما وصفها بـ “الإبادة الجماعية”.
وقال إن المجتمع الدولي يجب أن يضمن امتثال إسرائيل لالتزاماتها الدولية – بوصفها القوة القائمة بالاحتلال – بتقديم المساعدات الإنسانية لجميع الفلسطينيين، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تزال تتجاهل قرارات الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي.
وأعرب عن شكره لجميع من حشدوا جهودهم حول العالم لإنهاء الصراع في غزة، قائلا إن هؤلاء الأشخاص “يقفون من أجل الإنسانية”، وجدد أمله في حل الدولتين حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن.
وقال السفير منصور: “لن ينتهي هذا الصراع بالمزيد من المذابح والمزيد من الاحتلال والمزيد من النزوح والمزيد من الضم. بل سينتهي بكسر حلقة العنف من خلال تحقيق حقوقنا الأساسية وتحقيق السلام والأمن المشترك”.

إسرائيل
المندوب الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون قال إن مشروع القرار لا يعزز السلام، ولا يعكس الحقائق على الأرض. وأضاف أن بلاده قبلت مقترحات متعددة لإنهاء الحرب، وقدمت “تنازلات مؤلمة وصعبة”، لكن حماس، حسبما قال، “لا تهتم بالسلام، بل تهتم ببقائها وإطالة أمد الإرهاب”.
وقال إن مشروع القرار “لا يُحمّل حماس المسؤولية، بل يمنحها كل ما تريده: الوقت والنفوذ والشرعية”. وأضاف: “بتبنيكم هذا القرار اليوم، ستمنحون حماس غطاء سياسيا، وستعززون موقفها، وستخبرون عائلات الرهائن أن أحباءهم لم يعودوا من أولوياتكم”.
وألقى باللوم على الجمعية العامة لعدم إيجادها “القوة لإدانة حماس”، واتهامها إسرائيل بالعقاب الجماعي، “والتظاهر بأن معاناة غزة منفصلة عن فظائع حماس المستمرة”، حسبما قال. وتساءل السفير الإسرائيلي عن سبب صعوبة تضمين “سطر واحد” يدين حماس في القرار، وأضاف: “اشرحوا لشعوبكم لماذا تحاولون محو السابع من أكتوبر من التاريخ. إنه أمر مخز”.

وقال السفير دانون إن “ادعاء القرار” بأن إسرائيل تستخدم تجويع المدنيين كسلاح حرب “هو فرية الدم”، مضيفا أن المساواة بين الرهائن الإسرائيليين والإرهابيين الفلسطينيين” أمر لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا “ويمحو الخط الفاصل بين الضحية والمعتدي”. وقال السيد دانون: “ستفعل إسرائيل كل ما يلزم لإعادة مواطنينا إلى ديارهم”.
المجموعة العربية

تحدث مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي نيابة عن المجموعة العربية، معربا عن تقديره العميق للاستجابة السريعة لعقد الجلسة الطارئة في ضوء المعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني. وقال: “نجتمع اليوم، مرة أخرى تحت قبة هذه الجمعية العامة، ليس لتكرار الكلمات حول المأساة بل لوضع حد للمأساة.”
وأضاف أن المجموعة العربية تؤكد مجددا أن ما يحدث في قطاع غزة لا يمكن اعتباره نزاعا مسلحا تقليديا. بل هو أزمة إنسانية تتطلب عملا عاجلا وفعالا من الأمم المتحدة، وبشكل خاص من الجمعية العامة.
وتابع السفير اليمني قائلا: “عدم قدرة مجلس الأمن على الاضطلاع بمسؤوليته بسبب استخدام حق النقض لا يعفي المجتمع الدولي أو الدول الأخرى من الحاجة والواجب للتحرك”.
الولايات المتحدة

القائمة بأعمال المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا انتقدت للقرار، وقالت إنه فشل في إدانة حماس. وقالت: “لا ندعم الإجراءات أحادية الجانب التي تفشل في إدانة حماس”. وحثت السيدة شيا على دعم الجهود الدبلوماسية الجارية حاليا للإفراج عن الرهائن ودعم ما يعرف باسم “مؤسسة غزة الإنسانية”
وقالت السيدة شيا إن السلام المستدام لن يتحقق إلا عبر المفاوضات المباشرة، قائلة: “هذا القرار لا يجلب الهدوء لغزة، ولا يدفع باتجاه حل دبلوماسي حقيقي يعزز قضية السلام”.
بأغلبية ساحقة، الجمعية العامة تعتمد قرارا يطالب بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة المصدر: