تريليون دولار فائضًا.. كيف نجحت الصين في تجاوز حصار ترامب؟

في الوقت الذي كانت فيه دول العالم تكافح لتثبيت أقدامها اقتصادياً، لم تنجح سوى 19 دولة فقط في كسر حاجز التريليون دولار من إجمالي ناتجها المحلي طوال العام الماضي؛ لكنّ بكين جعلت من هذا الرقم الذي تلهث خلفه اقتصادات بأكملها مجرد فائض تجاري حققته خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الجاري، وهو إنجاز يظهر قدرة مصانعها على المناورة، حيث تجاوزت التعريفات الأمريكية بذكاء، ووسّعت حضورها في أسواق جديدة عبر مسارات مبتكرة عطلت قيود واشنطن.

تنويع الأسواق
– ارتفعت صادرات الصين بنسبة 5.7% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام مقارنةً بالعام السابق، وأظهرت بيانات الجمارك أن نمو الصادرات إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا وأفريقيا – بنسبة 8.9% و14.6% و27.2% على التوالي – عوض بشكلٍ كبير الانخفاض الحاد في الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 18.3% خلال الفترة نفسها.
مصنع العالم
– في إطار استراتيجية “صنع في الصين 2025” الصناعية التي أطلقها الرئيس “شي جين بينج” قبل عقد من الزمن، ضخت بكين مليارات الدولارات في قطاعات استراتيجية بهدف الهيمنة على سلاسل التوريد عالية التقنية، بالإضافة إلى الصناعات التقليدية، وقد أسفرت عن زيادة صادرات الصين بنحو 45% خلال السنوات الخمس الماضية.
بوابة خلفية
– لطالما نظرت الشركات والحكومات الغربية إلى منطقة جنوب شرق آسيا كوجهة مثالية لتنويع سلاسل الإمداد العالمية وتقليل الاعتماد على الصين، لكن المحصلة أنها أصبحت بوابة خلفية لعبور السلع الصينية إلى السوق الأمريكية، سواء عبر إعادة تصدير غير قانونية للمنتجات بعد تغيير مسارها، أو عبر اعتماد المصانع على مكوّنات صينية لا تضيف إليها سوى عمليات التجميع النهائية.
الطاقة النظيفة
– تهيمن الصين على سلاسل توريد الطاقة النظيفة، وقد فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية باهظة على الخلايا والألواح الشمسية المُصدّرة من فيتنام وكمبوديا وماليزيا وتايلاند، استنادًا إلى نتائج تفيد بأن الشركات الصينية تحايلت على رسوم مكافحة الإغراق والدعم الأمريكية عبر مصانع وشركاء في هذه الدول.
قلب النمو
– تكشف تركيبة واردات الآسيان من الصين أن بكين أصبحت المزود الأبرز لمحركات النمو في المنطقة؛ لأن 60% من الواردات تأتي على شكل مدخلات وسيطة تغذّي المصانع، ونحو 30% معدات وآلات توسّع الطاقة الإنتاجية، وباتت الصين اليوم مصدر أكثر من 40% من السلع الرأسمالية للآسيان، متقدمة على اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا الغربية.

استثمارات صينية
– في مقابل اتساع عجز الآسيان التجاري مع الصين، تتدفّق استثمارات صينية ضخمة تُعيد توجيه فائض بكين نحو الاقتصادات الإقليمية بدلًا من أسواق السندات الأمريكية كما كان يحدث من قبل، حيث بلغت تدفّقات رؤوس الأموال الصيني إلى المنطقة نحو 75 مليار دولار في 2024، أي ما يعادل 2% من ناتجها المحلي.
مخاوف مشروعة
– أدى انخفاض الصادرات إلى الولايات المتحدة إلى مخاوف من إغراق الصين لمناطق أخرى من العالم، وخاصة جنوب شرق آسيا وأوروبا، بسلع رخيصة تُهدد الصناعات المحلية، لكن الخبراء يعتقدون أن العديد من السلع المتجهة إلى جنوب شرق آسيا ينتهي بها المطاف في الولايات المتحدة، عبر ممارسة تُعرف باسم الشحن العابر، حيث تُرسل المنتجات عبر دولة ثالثة لتجنب الرسوم الجمركية.

بلا هوادة
– يتوقع خبراء الاقتصاد في “مورجان ستانلي” أن تزيد الصين حصتها من الصادرات العالمية إلى 16.5% بحلول عام 2030 من 15% حاليًا، مدعومة بقطاعات التصنيع المتقدمة والقطاعات عالية النمو مثل الروبوتات والمركبات الكهربائية والبطاريات.
|
حصة القيمة المُضافة الصينية في بعض صادرات دول “آسيان” عام 2025 |
||||||||
|
الدولة |
قطاع النسيج |
قطاع الإلكترونيات |
قطاع الآلات |
قطاع النقل |
||||
|
العالم |
أمريكا |
العالم |
أمريكا |
العالم |
أمريكا |
العالم |
أمريكا |
|
|
فيتنام |
%20 |
%19 |
%17 |
%24 |
%17 |
%28 |
%16 |
%18 |
|
تايلاند |
%12 |
%19 |
%13 |
%15 |
%12 |
%24 |
%12 |
%36 |
|
كمبوديا |
%29 |
%32 |
%19 |
%26 |
%24 |
%35 |
%23 |
%81 |
|
سنغافورة |
%12 |
–– |
%3 |
%1 |
%4 |
%5 |
%3 |
%4 |
|
ماليزيا |
11 % |
%26 |
%12 |
%15 |
%12 |
%17 |
%9 |
26 |
|
الفلبين |
%6 |
%6 |
%11 |
%16 |
%9 |
%9 |
%9 |
%16 |
|
إندونيسيا |
%8 |
%9 |
%8 |
%13 |
%6 |
%13 |
%7 |
%24 |
المنتجات الرخيصة
– إن الطلب في الولايات المتحدة على المنتجات الرخيصة لن يتلاشَ، وقلة من الدول قادرة على محاكاة قدرة الصين على إنتاج السلع الاستهلاكية بكميات كبيرة وبأسعار منخفضة، وكأن لسان حال الاقتصاد الصيني يقول للقيود الحمائية الأمريكية: “أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل… ما هكذا يا سعدُ تورد الإبل؟“، مشيراً إلى أن الإجراءات العقابية لم تحقق مرادها المطلوب.
المصادر: إيكونوميست – ذا جارديان – سي إن بي سي – سي إن إن – جلوبال ترايد ماج (مجلة التجارة العالمية) – معهد لووي










