تسريب بيانات في أفغانستان يكشف هويات جواسيس وقوات خاصة بريطانية

كشفت وسائل إعلام بريطانية، الخميس، عن تسريب صادم للبيانات كشف هويات جواسيس وعناصر من القوات الخاصة البريطانية، إلى جانب تفاصيل حسّاسة تتعلق بآلاف الأفغان الذين تم إجلاؤهم إلى المملكة المتحدة بعد سقوط كابل بيد «طالبان».
وأفادت التقارير بأن التسريب تضمَّن أسماء أكثر من 100 عنصر من القوات الخاصة، وضباط في جهاز الاستخبارات الخارجية (MI6)، وعسكريين بريطانيين، مما يعرِّضهم لخطر جسيم. وأكَّد مصدر مطلع لوكالة «أسوشييتد برس»، الخميس، أن «أسماء عدد محدود من عناصر القوات الخاصة»، وردت ضمن الملف المسرَّب، وتحدَّث الشخص بشرط عدم الكشف عن هويته نظراً لأنه غير مخول بالحديث علناً عن هذه المعلومات الحساسة.
وجاء هذا الكشف بعد قرار قضائي صادر عن محكمة لندن، يوم الثلاثاء، برفع «الأمر القضائي الفائق» (super injunction) الذي كان يفرض حظراً صارماً على الإبلاغ عن رسالة إلكترونية أرسلها أحد مسؤولي وزارة الدفاع البريطانية عن طريق الخطأ في فبراير (شباط) 2022، والتي تضمَّنت بيانات شخصية لنحو 19 ألف أفغاني تقدَّموا بطلبات لجوء إلى بريطانيا.
وكان هؤلاء الأفغان قد تعاونوا مع القوات الغربية، إما بصفتهم مترجمين أو مساعدين ميدانيين، أو ضمن صفوف الجيش الأفغاني المدعوم غربياً، مما جعلهم عرضةً لانتقام «طالبان» بعد استيلائها على الحكم.
بعد مرور 18 شهراً
ولم تكتشف الحكومة البريطانية التسريب إلا بعد مرور 18 شهراً، حين نُشر جزء من البيانات على «فيسبوك» من قبل شخص هدَّد بكشف القائمة بالكامل. عندها أُطلق برنامج سري لإعادة توطين الأفغان في المملكة المتحدة.
وعندما رفع القاضي، مارتن تشامبرلين، الأمر القضائي النادر والجدلي، الذي كان يمنع حتى الإبلاغ عن وجوده، سمح بالنشر عن تفاصيل تتعلق بالأفغان فقط. لكنه منع وسائل الإعلام من نشر أي تفاصيل تشير إلى وجود أفراد من القوات البريطانية أو الجواسيس ضمن القائمة.
لكن بعد أن نشرت صحيفة «ذا صن» الشعبية – التي لم تكن طرفاً في القضية ولا تخضع للأمر القضائي – معلومات عن تسريب هويات البريطانيين، طلبت مؤسسات إعلامية تعديل أمر القاضي، يوم الخميس.
وقد أصبحت هذه الفضيحة حديث الرأي العام؛ بسبب الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة لإخفاء الأمر في أثناء إعادة توطين آلاف الأشخاص.
حتى الآن، تم إجلاء نحو 4500 أفغاني إلى بريطانيا، بينهم 900 مقدم طلب و3600 من أفراد عائلاتهم، ومن المتوقع أن يصل العدد الإجمالي إلى 6900 شخص، بتكلفة تقدَّر بنحو 850 مليون جنيه إسترليني (1.1 مليار دولار).
ورغم تأكيد الحكومة البريطانية أن التسريب لا يشكل خطراً إضافياً على الأفغان، بحجة أن «طالبان» تمتلك بالفعل وسائل أخرى لتحديد المتعاونين مع القوات الأجنبية، فإن منتقدين حذَّروا من أن آلاف المترجمين والمساعدين الأفغان لا يزالون عرضةً لخطر الاعتقال أو التعذيب أو حتى الإعدام.
وقال شون هامبر، محامٍ يمثل بعض المتقدمين الأفغان، إن «تسريب البيانات الكارثي» سبَّب «قلقاً وخوفاً ومعاناة» كبيرة للمتضررين.
أما حمد الله فطرت، نائب المتحدث باسم حكومة «طالبان»، فقال إن الزعيم الأعلى لـ«طالبان» أعلن «عفواً عاماً» يمنع اعتقال أو استهداف أي شخص، مضيفاً لوكالة «أسوشييتد برس»: «وكالات الاستخبارات لا تحتاج إلى مراقبة مثل هؤلاء الأشخاص، فهم قد نالوا العفو، وجميع الوثائق والمعلومات المتعلقة بهم متوفرة لدينا». وأضاف عبر رسالة على «واتساب»: «أي شائعات أو أقاويل لا تؤدي إلا إلى ترهيب هؤلاء الأفراد، وتخويف عائلاتهم».
وكانت القوات البريطانية قد أُرسلت إلى أفغانستان ضمن تحالف دولي لمحاربة تنظيم «القاعدة» وقوات «طالبان» بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وفي ذروة العمليات، بلغ عدد الجنود البريطانيين في أفغانستان نحو 10 آلاف جندي، معظمهم في ولاية هلمند جنوب البلاد.
وانتهت العمليات القتالية البريطانية في عام 2014، وغادرت القوات المتبقية أفغانستان في عام 2021 مع عودة «طالبان» إلى السلطة، بعد عقدين من الإطاحة بها، وهو ما تسبَّب في مشاهد فوضوية مع تسارع الدول الغربية إلى إجلاء مواطنيها وموظفيها الأفغان.
تسريب بيانات في أفغانستان يكشف هويات جواسيس وقوات خاصة بريطانية المصدر: