دور الإصلاحات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية في حماية جهود التنمية وتعزيزها

وتتجلى أهمية هذه الخطوة في سياق أهداف التنمية المستدامة من الأمم المتحدة، المقياس العالمي للتقدم المستدام في المجتمعات، حيث لعبت دوراً جوهرياً في إرساء القواعد لتحسين النتائج المجتمعية، بما فيها الصحة الجيدة والرفاهية، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق، والحدّ من حالات عدم المساواة، والمجتمعات المستدامة.
ومن الأمثلة المميزة على ذلك إصلاح برامج الإعانات والدعم. فتم مثلا إنشاء برنامج حساب المواطن في عام 2017، وهو برنامج تحويلات نقدية يهدف إلى حماية الأُسر من التأثير المباشر وغير المباشر المتوقع للإصلاحات الاقتصادية المختلفة، حيث تم تمديده في عام 2024 بآليته الحالية إلى جانب تقديم دعم إضافي للمستفيدين منه لمدة عام كامل. وتشهد برامج الرعاية الاجتماعية الأخرى إصلاحات مستمرة أيضاً لمعالجة أوجه القصور السابقة.
ويستحق النهج الشامل والاستراتيجي الذي تتبعه المملكة في تنفيذ برامج الرعاية الاجتماعية الاهتمام، ذلك أنه يسهم في تعزيز دور القطاع غير الربحي بالإضافة إلى المشاركة المدنية والمسؤولية الاجتماعية للشركات. وتماشياً مع الخطوات التي تم تحقيقها على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، شهدنا تحولاً في السياسة العامة في المملكة العربية السعودية لمساعدة أصحاب المصلحة على المشاركة بشكل مباشر في المساعي الخيرية. فمثلاً، حددت المملكة العربية السعودية المجتمع الحيوي بصفته إحدى الركائز الثلاث لرؤية 2030، مع التركيز على القطاع الثالث (غير الربحي). كما أطلقت المملكة مؤخراً برنامج سخاء، الذي يهدف إلى البحث عن متبرعين للإسهام في مشروعات مؤثرة في المجتمع.
وتظهر هذه الإصلاحات أيضاً في التحسن الملحوظ للخدمات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان. وعلى سبيل المثال، تعمل السعودية على إصلاح قطاعها الصحي بسرعة مع التركيز على تحسين الوصول إلى الخدمات وتحديث المرافق والتجهيزات وتعزيز دور استثمارات القطاع الخاص.
وفي حين أن هذا النوع من المشروعات الجريئة يمهد الطريق لمستقبل تقدمي للمجتمع السعودي والمنطقة بشكل عام، إلا أن النجاح في اجتياز البرامج التنموية المعقدة بدءاً من التصميم وحتى التنفيذ يتطلب التوافق مع العوامل المؤثرة على المستوى العالمي والوطني والقطاعي والإقليمي وحتى المحلي.
ولهذا، يجب أن يُدرس نطاق هذه البرامج وتأثيراتها، بدءاً من الحماية المجتمعية وانتهاءً بحماية الثقافة وغيرها، وذلك على مختلف فئات المستفيدين، والتي تشمل العائلات والمجموعات الخاصة وغيرها.
وأثبتت برامج الإصلاحات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم أن البرامج أو الميزات المجتمعية التي لا تمتلك أهدافاً واضحة يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إخراج المشروع نفسه عن مساره بسبب افتقارها إلى الفعالية والكفاءة. وبالتالي، تتمثل الحاجة اليوم في تصميم وتنفيذ برامج مكثفة وأكثر تحديداً واستهدافاً، وتراعي الاحتياجات والظروف الفريدة لكل صاحب مصلحة أو مجموعة سكانية.
وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع العديد من الدول إلى إنشاء استراتيجيات أو برامج مخصصة لمجموعات سكانية محددة، سعياً منها لتمكين كلّ من هذه المجموعات وحماية حقوقها. وتشكل الاستراتيجية الوطنية للأسرة في المملكة العربية السعودية، والتي تتمحور حول أهمية الأسرة، مثالاً ممتازاً على ذلك. وترتكز الاستراتيجية على خطط خاصة بأفراد الأسرة، ولا سيما الأطفال والنساء وكبار السن، مع خمس ركائز أساسية تلبي جميع احتياجاتهم، وتتضمن السلامة والأمن، والمساواة والشمولية ، والازدهار والاستقرار، والمسؤولية الاجتماعية، وتعزيز القيم والهوية.
ويكشف التعمق في الاستراتيجية عن العديد من المبادرات المبتكرة للعائلات والأطفال وكبار السن والنساء، وتتضمن برنامج التثقيف المالي للأسرة ومركز تعزيز القيم العائلية، وإطار تنموي لأول 1000 يوم من حياة الأطفال وبرنامج تطوعي مخصص لهم، وفرص التعلم المستمر للمسنين وتطوير مدن ملائمة لهم، وبرامج مخصصة للنساء تركز على مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والقيادة وغيرها.
وبينما تسعى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز التنمية من خلال الإصلاحات الاجتماعية، من الضروري تطوير خطط جاهزة لتحديات المستقبل وتتوقع التحديات وتعالجها استباقياً، وتصميم سياسات وبرامج مبتكرة، ودراسة المستفيدين بشكل شامل للتأكد من أن السياسات والبرامج تلبي احتياجاتهم الفردية، ورؤية القطاع بنظرة كلّية من خلال اتباع نهج التخطيط المتكامل، والتفاعل مع المجتمع وتمكينه، سواء الأفراد والمؤسسات، لتعزيز الشعور بالمجتمع والانتماء مع الاستفادة من الموارد المشتركة.

دور الإصلاحات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية في حماية جهود التنمية وتعزيزها المصدر: