صيادو غزة يواجهون الموت من أجل كسب لقمة العيش

قطاع الصيد في غزة – الذي كان يشكّل مصدر رزق لأكثر من 6,000 فلسطيني – يواجه انهيارا شبه تام، في ظل ما يصفه العاملون فيه بـ”الاستهداف الممنهج” للبنية التحتية الخاصة به.
ووفقا لتقرير مشترك صادر عن مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان وشبكة المنظمات الأهلية في غزة، قُتل ما لا يقل عن 202 شخصا من العاملين في قطاع الصيد منذ اندلاع الحرب، بينهم 50 قتلوا بنيران الزوارق الاسرائيلية أثناء مزاولتهم لمهنتهم في البحر، كما أُصيب أكثر من 300 آخرين، من بينهم 20 إصابة وقعت داخل البحر.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 90% من قوارب ومراكب الصيد، بالإضافة إلى غرف ومخازن الصيادين، تعرضت للتدمير بشكل الكامل، مما أدى إلى فقدان ما لا يقل عن 4,500 صياد و1,500 عامل في المهن المرتبطة بالصيد، مصدر دخلهم الوحيد.
مراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة التقى بزكريا بكر، منسق لجان الصيادين في قطاع غزة، الذي أكد له أنه منذ اللحظات الأولى للحرب “مارست قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات قصف ممنهجة على مراسي ومراكب الصيادين من خلال الزوارق والطائرات الحربية، ما أدى إلى تدمير نحو 95% من ممتلكات الصيادين، بما في ذلك مصانع الثلج، غرف بيع الأسماك، والحسبة الرئيسية داخل الميناء”.
وقال السيد بكر إن الهجمات الإسرائيلية طالت جميع المراكب في مدينة غزة “ولم يتبق سوى قارب واحد تم قصفه مؤخرا”، وأضاف: “الاحتلال قضى بشكل كامل على قطاع الصيد وحرم أكثر من 6,000 شخص من العمل، الأمر الذي أثّر بشكل مباشر على الأمن الغذائي لنحو مليوني فلسطيني في القطاع”.

أطفال يمشون حفاة على ميناء غزة المدمر
خطر دائم في عرض البحر
“كل يوم نخرج فيه إلى البحر نواجه الموت”، هكذا وصف الصياد زكي النجار، الذي فقد شقيقه منذ حوالي شهر نتيجة إطلاق نار من زوارق إسرائيلية، الواقع المرير الذي يعيشه صيادو غزة. وقال: “نعود بالأسماك لكن بثمن الدم. نريد إطعام أولادنا. لذا سنستمر في العودة إلى البحر مهما كثر عدد الشهداء. لن نترك البحر، فهذه مهنتنا ولن نتخلى عنها مهما كلف الأمر”.
شح في الأسماك وارتفاع في الأسعار
من جهته، يقول الصياد محمود الهسي، الذي فقد ثلاثة مراكب صيد كبيرة خلال الحرب، إن القطاع بات عاجزا عن تلبية الطلب المحلي على الأسماك. وأكد لمراسلنا أن حوالي 47 “حسكة صغيرة” – وقوارب وشبه قوارب صغيرة – تخرج من حوض الميناء، وننتج يوميا من 200 إلى 500 كيلوغرام فقط من السمك.
وأضاف: “في السابق، كان سعر الكيلو يتراوح بين 20 و25 شيكلا، أما اليوم فقد وصل إلى ما بين 300 و400 شيكل، وهو ما يفوق قدرة المواطن على الشراء في ظل الأزمة الخانقة”.
تهديد للأمن الغذائي
وفي تقرير سابق صدر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أفادت المنظمة بأن قطاع الصيد في غزة كان يشكل قبل الحرب مصدر رزق رئيسي لنحو 6,000 شخص، بينهم 4,200 صياد مسجل، وكان يعيل قرابة 110 آلاف نسمة في المجمل.
وأوضحت المنظمة أن الصيادين كانوا يواجهون قيودا مشددة حتى قبل التصعيد الأخير، إذ كانت المناطق التي يسمح بها الصيد تقتصر على ستة أميال بحرية شمالا و15 ميلا جنوبا. أما اليوم، فأصبح الصيد يجري على بعد أمتار قليلة من الشاطئ، ما يجعل حياة الصيادين في خطر دائم.
وذكرت منظمة الفاو أن مرفأ غزة البحري، شمال وادي غزة، تعرض لأضرار جسيمة أدت إلى تدمير الغالبية العظمى من القوارب، مما فاقم أزمة الأمن الغذائي في القطاع.
“الأسماك، التي كانت تشكل يوما مصدرا حيويا للبروتين والمغذيات الأساسية لسكان غزة، أصبحت شبه معدومة في السوق المحلي”، حسبما ورد في تقرير المنظمة.
صيادو غزة يواجهون الموت من أجل كسب لقمة العيش المصدر: