عودة الجدل حول «إغلاق» معبر رفح مع اشتداد «المجاعة» في غزة

مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وبلوغ المجاعة مراحل حرجة، عاد معبر رفح إلى واجهة الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، بين مطالبات للقاهرة بضرورة فتحه وإدخال المساعدات، وأصوات توضح وجود تعقيدات أمنية وسياسية تحكم إدارته، واتهامات لجماعة «الإخوان» المحظورة بتشويه الموقف المصري.
ويعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه، قبل أن تسيطر إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو (أيار) 2024، وتعلن مصر عدم التنسيق مع إسرائيل بشأنه لعدم «شرعنة احتلاله»، والتزاماً باتفاقية المعابر التي وقعت عليها في 2005 تل أبيب ورام الله بشأن إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح.
وعلى مدار ساعات ماضية، انتشرت تدوينات على مواقع التواصل تطالب القاهرة بفتح المعبر، في حين يتساءل البعض: «لماذا لا تفتح مصر المعبر من ناحيتها للمنظمات الإنسانية الدولية للدخول وليتحمل الاحتلال نتيجة أفعاله وليتحمل كل مَن يريد العبور نتيجة ما يفعله الاحتلال به؟».
وتحول الطرح لسجال، ورد الإعلامي المصري المقرب من السلطات المصرية، أحمد موسى، في برنامجه المتلفز بفضائية «صدى البلد»، مساء الأحد، مؤكداً أن «معبر رفح مفتوح من الجانب المصري ولم يغلق منذ بداية الأزمة» مشدداً على أن «موقف مصر ثابت في دعم القضية الفلسطينية».
ودافع مدونون عن الموقف المصري، مشيرين إلى أنه «منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لم تغلق مصر قط جانبها الذي تصطف أمامه سيارات المساعدات في انتظار فتح الجانب الإسرائيلي للبوابة الفلسطينية التي قُصفت طرقها وهُددت أي سيارة مساعدات بأنه سيتم إطلاق النار عليها حال مرورها، وهذا يعني دخول مصر الحرب رسمياً»، مؤكدين ضرورة «إخراج مصر من هذه القصة ومطالبة (حماس) بإعادة سيطرتها على البوابة الفلسطينية مرة أخرى أو مطالبة إسرائيل بفتح المعبر».
معبر رفح جانبين او بوابتين بوابة مصرية ودي لم تغلق لدخول المساعدات منذ بداية الحرب وبوابة فلسطينية المفروض تكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية وده كان فعليا بعد اتفاقية المعابر في ٢٠٠٥ ظلت السلطة الفلسطينية مسيطرة عليه ظاهريا لكن المسيطر الفعلي إسرائيل !لكن لما حماس حاربت السلطة… https://t.co/TOT1sQA6uX
— M.Farouk (@novatheory2) July 20, 2025
وخاطب حساب باسم «محمد الديسطي»، عبر منشور بمنصة «إكس»، المطالبين بفتح مصر معبر رفح، قائلاً: «حرروا معبر رفح الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي قبل أن تحرضوا ضد مصر»، متهماً جماعة «الإخوان» بالوقوف وراء الحملة الممنهجة ضد القاهرة.
الاخوان هم جيش الاحتلال الإسرائيلي في كل الدول العربية…جيش يهاجم دولة واحدة فقط لديها اخر جيش وطني في المنطقة العربية.مصربدلا من الضغط على الإحتلال الإسرائيلي لإدخال المساعدات وإيقاف الحرب وسياسية التجويع تصدر الأوامر لمهاجمة مصر وتهديد حدودها و بحصار السفارات المصرية…
— محمد الديسطي (@yehia5yehia) July 21, 2025
وفي 27 يونيو (حزيران) الماضي، أكد محافظ شمال سيناء اللواء دكتور خالد مجاور أن «معبر رفح البري ما زال مفتوحاً من الجانب المصري، بينما تغلق سلطات الاحتلال الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من المعبر»، خلال حديثه أثناء مرافقته لوفد البرلمان العربي في زيارته التفقدية إلى معبر رفح البري؛ حيث استعرض خلالها «جهود مصر في دعم الأشقاء الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واستقبال الجرحى والمرضى لتلقي العلاج بالمستشفيات المصرية»، وفق بيان صحافي للمحافظة وقتها.
ومنذ 2 مارس (آذار) 2025، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.
وتعقيباً على ذلك، قال رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي إن الدولة المصرية والشعب المصري يدركان مدى المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون منذ حرب 7 أكتوبر على غزة، وهناك تحركات في جميع الجبهات لحماية الحق الفلسطيني، مؤكداً أن معبر رفح مفتوح من جانب مصر ولا يمكن أن تستخدمه مصر بأي حال ضد الفلسطينيين، خاصة أن موقف القاهرة تاريخي في دعم القضية الفلسطينية.
وشدد على أن دخول المساعدات الإغاثية لغزة أمر لا يتوقف على مصر فحسب، التي بذلت مجهوداً ضخماً في استقبال وتسهيل إدخالها مراراً، لكنّ هناك تعنتاً وعراقيل متكررة من جانب إسرائيل التي لا تحترم قانوناً ولا اتفاقيات وعلى المجتمع الدولي أن يضغط عليها لفتحه.
وبالتزامن، تتوالى المناشدات مصرياً وأممياً ودولياً، لكسر تجويع غزة، وأكدت نقابة الصحافيين في مصر، في بيان الاثنين، أن «معبر رفح الشريان الوحيد للحياة تحوّل بفعل السياسة الإسرائيلية إلى مصيدة موت، بينما تقف القوافل الإغاثية محملة بعشرات الأطنان من الدواء والغذاء خلف الحواجز، وكأن حياة مليوني إنسان لعبة بأيدي القتلة».
وطالبت النقابة بإعلان الأمم المتحدة مجاعة غزة رسمياً، وكسر احتكار توزيع المساعدات، مناشدة «الدول العربية قطع العلاقات فوراً مع العدو الصهيوني، ووقف كل أشكال التطبيع والتعاون التجاري فوراً، وبذل كل الجهود لفتح معابر الإغاثة فوراً، وفي مقدمتها معبر رفح باعتباره شريان الحياة الوحيد لأهالي غزة، ودخول كل أشكال الإغاثة دون قيود، خاصة الأدوية ووقود المستشفيات».
كما دعت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، في منشور الاثنين عبر منصة «إكس»، إلى «إضراب جماعي عن الطعام، الثلاثاء، أمام السفارات الأميركية والإسرائيلية في كل عواصم العالم حتى يتوقف التجويع والإبادة في غزة».
ونوهت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في منشور على «إكس»، الاثنين، بأنها تتلقى رسائل يائسة من غزة، بما في ذلك رسائل من موظفيها، تحذر من المجاعة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية 40 ضعفاً.
وأضافت أن «(الأونروا) لديها في مستودعات خارج غزة مباشرة ما يكفي كل السكان من الغذاء لأكثر من ثلاثة أشهر، ارفعوا الحصار واسمحوا بدخول المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع».
وحذر مسؤولو «الصحة» في غزة من «وفيات جماعية» محتملة في الأيام المقبلة، بسبب زيادة الجوع الذي قالت وزارة الصحة في القطاع إنه أودى بحياة 19 شخصاً على الأقل منذ يوم السبت، بحسب ما نقلته «رويترز»، الاثنين.
وذكر المتحدث باسم وزارة الصحة خليل الدقران أن الطواقم الطبية تعتمد على وجبة واحدة في اليوم، وأن مئات الأشخاص يتدفقون على المستشفيات يومياً، وهم يعانون من التعب والإرهاق بسبب الجوع.
وقال مسؤول في «حماس» لـ«رويترز»، الأحد، إن الحركة غاضبة من أزمة الجوع في القطاع، ما قد يؤثر بشدة على محادثات وقف إطلاق النار الجارية في قطر منذ 6 يوليو (تموز) الحالي، بهدف التوصل إلى هدنة لمدة 60 يوماً واتفاق بشأن الرهائن، «لكن لا يوجد أي مؤشر على حدوث انفراجة»، بحسب «رويترز».
من جانبه، قال السفير محمد العرابي إن إسرائيل تستخدم سلاح التجويع ضد غزة للضغط وتحقيق مكاسب في مفاوضات الهدنة، وكذلك في مخططاتها بشأن التهجير المرفوضة بشكل كامل من جانب مصر ولن تسمح بها.
وشدد على أن هذه الأزمة تحتاج إلى إرادة سياسية من جانب الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لدخول المساعدات، وأن تعود الأمور الإنسانية مرة أخرى دون أي عراقيل، مؤكداً أن شاحنات المساعدات تنتظر بالقرب من معبر رفح المصري، والقاهرة تنتظر الاتفاق على إدخالها لتسييرها كما كانت تفعل على مدار سنوات، ولا سيما منذ بداية الحرب.
واستضافت القاهرة، مؤخراً، اجتماعاً قطرياً إسرائيلياً لبحث إدخال المساعدات لغزة على مدار يومين، وسط حديث وسائل إعلامية عن «تقدم» بالمحادثات.
عودة الجدل حول «إغلاق» معبر رفح مع اشتداد «المجاعة» في غزة المصدر: