قصة نبي الله يوسف عليه السلام مع إخوته وتحقق رؤياه

قصة يوسف عليه السلام من أروع القصص القرآنية، إذ تحمل في طيّاتها دروسًا عظيمة، وحِكمًا خالدة، وتجسّد معاني الصبر والإيمان والثبات على الحق مهما اشتدت المحن، فقد اختصّ الله تعالى نبيه يوسف عليه السلام بالنبوة، وفضّله على كثير من خلقه لما تحلّى به من صفات سامية، كالعفّة، والحكمة، والإخلاص، وهذه القصة العظيمة لا تُروى لمجرد السرد، بل هي عبرة سامية للأجيال، تهديهم إلى مكارم الأخلاق، وتعلّمهم كيف تكون العاقبة للمتقين.
نسب النبي يوسف عليه السلام
جدول المحتويات
النبي يوسف عليه السلام هو ابن نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.
ينحدر من نسل مبارك كرّمه الله تعالى بالنبوة والرسالة، ولذلك وصف بلقب: “الكريم ابن الكريم ابن الكريم”، لما يحمله هذا النسب من شرف ورفعة.
كما يُعدّ يوسف عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل الذين اختارهم الله لهداية قومهم، ودعوتهم إلى عبادته وتعليمهم الكتاب والحكمة، كما قال تعالى:
“نحن نقصّ عليك أحسن القصص” (سورة يوسف: 3)، وهو دليل على عظمة مكانته وسمو رسالته.
ولادة النبي يوسف عليه السلام
وُلِد نبي الله يوسف عليه السلام في الأرض المقدّسة، وهي نفس البقعة التي أقامت فيها أسرته المباركة قبل هجرتهم إلى مصر، وقد عاش في مصر بعد أن أكرمه الله بالتمكين فيها، ولكن قلبه ظلّ متعلقًا بأرض الميعاد.
وتشير الروايات إلى أنه أوصى بدفنه في الأرض المقدسة بعد وفاته، وقد قام النبي يوشع بن نون بنقل تابوت يوسف عليه السلام من مصر إلى فلسطين، حيث يُقال إنه دُفن في منطقة البلدة القديمة من مدينة نابلس.
رؤيا النبي يوسف عليه السلام
بدأت أحداث القصة برؤيا عظيمة رآها يوسف في منامه، حيث شاهد أحد عشر كوكبًا، والشمس، والقمر يسجدون له، فقصّها على أبيه يعقوب عليه السلام، الذي أدرك دلالتها العظيمة، ونصحه بعدم إخبار إخوته بها، خشية أن يكيدوا له.
قال تعالى:
“لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا” (سورة يوسف: 5).
وقد تحققت هذه الرؤيا حين اجتمع شمل الأسرة في مصر، ورفع يوسف أبويه على العرش، فخرّوا له سُجّداً تعظيمًا وتكريمًا.
نشأة يوسف عليه السلام وحب أبيه له وحقد إخوته
نشأ يوسف عليه السلام في بيت النبوّة، وسط بيئة يسودها الحُب والرعاية، وكان يحظى بمكانة خاصة في قلب والده يعقوب عليه السلام، لما تميز به من خُلق نبيل وجمال باهر منذ صغره، وقد رأى رؤيا مبشّرة أظهرت مكانته العالية، فأدرك والده أنها علامة نبوّة، وأمره بكتمانها، لكن الحسد دبّ في قلوب إخوته، ووسوس لهم الشيطان حتى امتلأت صدورهم بالبغضاء.
مكر الإخوة لأخيهم الصغير
تآمر إخوة يوسف عليه السلام بدافع الحسد، فاتفقوا على التخلص منه بطريقة خبيثة، فطلبوا من أبيهم أن يتركه يذهب معهم في نزهة، وبعد إلحاح وافق، وهناك، بعيدًا عن العيون، نزعوا عنه قميصه، وألقوه في بئر مظلم، ثم لطّخوا القميص بدم كذب، وعادوا به إلى أبيهم مدّعين أن الذئب أكله، ورغم كيدهم، كانت يد الله تعمل في الخفاء لحكمة عظيمة، كما قال تعالى:
“فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون” (سورة يوسف: 18).
كيد الإخوة وحسدهم
منذ أن رأى يوسف عليه السلام رؤياه المباركة، بدأ الحسد يتغلغل في نفوس إخوته، خصوصًا بعد أن لاحظوا محبة أبيهم الشديدة له ولأخيه بنيامين، ورأوا أنهم أحق بهذه المحبة لكونهم أكبر سنًا، ويتحمّلون أعباء الحياة، فاجتمعوا على مؤامرة لإبعاده، فقالوا:
“ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منّا” (سورة يوسف: 8)، وخطّطوا لإلقائه في البئر، دون أن يعلموا أن الله غالبٌ على أمره.
قصة يوسف مع القافلة
بعد مرور ثلاثة أيام، مرت قافلة تجارية بالبئر، فنزل أحدهم ليستقي الماء، فإذا بيوسف يتعلّق بدلوه، فأُعجبوا به، وأخفوه، وعندما علم إخوته بوجود القافلة، زعموا أنه عبدهم الهارب، فباعوه بثمن بخس، واشتراه أحد كبار رجال الدولة في مصر، وهو العزيز، وأوصى زوجته بإكرامه.
فتنة امرأة العزيز
نشأ يوسف عليه السلام في بيت العزيز، وكان محاطًا بالرعاية، حتى بلغ أشدّه، فابتُلي بفتنة حين راودته زوجة العزيز عن نفسه، فاستعصم بالله، وقال:
“معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي”.
وحين دخل زوجها، قلبت الحقيقة، واتهمته ظلمًا، لكنه نجا بفضل الله.
خطة امرأة العزيز ومكر النساء
عندما انتشرت القصة، دعت نساء المدينة لمشاهدته، وقدّمت لهن فاكهة وسكاكين، ثم أمرته بالدخول، فلما رأينه، انبهرن بجماله، وقلن:
“ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم”، وقطّعن أيديهن من شدّة الدهشة، ثم اعترفت امرأة العزيز أنها راودته، وهدّدته بالسجن إن لم يطعها، فاختار السجن قائلاً:
“ربّ السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه”.
يوسف عليه السلام في السجن
دخل يوسف السجن ظلمًا، لكنه كان قدوة في الأخلاق والإيمان، دخل معه فتيان، فسّرا رؤاهما، فبشّر أحدهما بالعودة لوظيفته، والآخر بالموت، وتحققت رؤياهما، وأوصى يوسف الساقي أن يذكره عند الملك، لكنه نسي، فلبث يوسف في السجن بضع سنين.
من السجن إلى خزائن مصر
رأى الملك رؤيا عجيبة، فعجز الجميع عن تفسيرها، فتذكّر الساقي يوسف، فاستدعوه، ففسرها بمهارة، فأُعجب الملك به، وقرّبه، وعيّنه مشرفًا على خزائن مصر، فبدأت مرحلة التمكين بعد الابتلاء.
لقاء الإخوة وكشف يوسف عن نفسه
عندما حلّت المجاعة، جاء إخوة يوسف إلى مصر لطلب الميرة، فعرفهم ولم يعرفوه، فطلبوا مؤونة، فاشترط إحضار أخيهم بنيامين، ثم خطّط يوسف ليبقيه، فوضع صُواع الملك في رحله، واتُهم بالسرقة، فأبقاهم يوسف عنده، ثم كشف عن هويته، وطلب منهم إحضار والده.
تحقق الرؤيا ولقاء الأسرة في مصر
عادوا إلى أبيهم بقميص يوسف، فارتد إليه بصره، ثم جاء يعقوب وأهله إلى مصر، واستقبلهم يوسف، ورفع أبويه على العرش، وسجد له إخوته تعظيمًا، فتحققت رؤياه.
وقال يوسف عليه السلام:
“ربّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث…”، شاكرًا نعم الله عليه.
قصة نبي الله يوسف عليه السلام مع إخوته وتحقق رؤياه المصدر: