كل ما يخص قماش بوليستر.. مزاياه وأنواعه وأهم استخداماته

يُعد قماش بوليستر واحدًا من الأقمشة الصناعية الشائعة، حيث يُصنع من ألياف مركبة مشتقة من مصادر متعددة تشمل النفط، والفحم، والماء، والهواء، وقد ساهم هذا التكوين الصناعي في جعله مادة متعددة الاستخدامات تدخل في صناعة مجموعة واسعة من المنتجات، بدءًا من الملابس والمفروشات المنزلية، وصولًا إلى أشرطة الحواسيب وغيرها من الاستخدامات التقنية، ويمتاز هذا القماش بخصائص فريدة جعلته خيارًا مفضلًا لدى الكثيرين عند اختيار الملابس، بفضل متانته، ومقاومته للتجاعيد، وسهولة العناية به.
ما هو قماش بوليستر
جدول المحتويات
يُعد قماش بوليستر (Polyester) من أبرز الابتكارات في عالم الألياف الصناعية، وقد ظهر إلى النور خلال القرن العشرين كنتيجة للأبحاث والتجارب العلمية داخل المختبرات، ويعود أصل التسمية إلى كلمتين من اللغة الإنجليزية، هما “Poly” التي تعني “عديد”، و”Ester” وهو مركب عضوي يدخل في تكوين العديد من المواد الكيميائية.
يُستخلص البوليستر بشكل أساسي من مادة الإيثيلين، وهي ناتجة من مشتقات البترول، إضافة إلى عناصر أخرى، وتُنتج ألياف البوليستر من خلال عملية كيميائية تُعرف باسم “البلمرة”، حيث يتفاعل الحمض مع الكحول لتكوين سلاسل جزيئية طويلة ومرنة تمتاز بالثبات والقوة.
بفضل هذه الخصائص، أصبح البوليستر خيارًا رئيسيًا في صناعات متعددة تشمل الملابس، والأقمشة المنزلية، والنسيج الصناعي، وحتى مكونات الأجهزة الإلكترونية، وقد تفوق في العديد من جوانبه على الأقمشة التقليدية مثل القطن، من حيث المتانة وسهولة العناية به.
أنواع قماش بوليستر
يندرج البوليستر تحت تصنيفين أساسيين: البوليستر المشبع، والبوليستر غير المشبع، ولكل منهما خصائص فريدة وتطبيقات متنوعة في الصناعات المختلفة.
البوليستر المشبع
يمثل هذا النوع مجموعة من البوليمرات التي لا تحتوي على روابط كيميائية تفاعلية مثل نظيرها غير المشبع، مما يجعله أقل تفاعلًا، ويُستخدم البوليستر المشبع عادة في تصنيع البوليمرات الحرارية ذات السلاسل الجزيئية الطويلة، مثل البولي إيثيلين تيريفثالات (PET)، وتدخل هذه المواد في صناعة البلاستيك القابل لإعادة التشكيل، والطلاءات، ومواد التغليف، وتُعد الجلايكولات، والأحماض، أو اللامائيات الحمضية، المواد الأساسية التي تدخل في تكوين هذا النوع من البوليستر، سواء على هيئة سوائل منخفضة الكتلة الجزيئية تُستخدم كملدنات، أو جزيئات حرارية خطية مرتفعة الكتلة.
البوليستر غير المشبع
يعتمد هذا النوع على راتنجات حرارية تحتوي على روابط فينيلية غير مشبعة، فيمنحها القدرة على التفاعل الكيميائي والتصلب عند خلطها بمواد محفزة، ويُستخدم هذا البوليستر بشكل واسع في الصناعات التي تتطلب متانة عالية وتكلفة منخفضة، مثل صناعة الألياف الزجاجية والبلاستيك المقوّى، ويتميز البوليستر غير المشبع بقدرته على التصلب دون الحاجة إلى حرارة مرتفعة، مما يجعله خيارًا شائعًا في التطبيقات الإنشائية والتصنيعية.
مزايا قماش بوليستر
يُعتبر قماش البوليستر من أكثر الأقمشة الصناعية تطورًا، ويُستخدم على نطاق واسع لما يتمتع به من خصائص استثنائية تجعله مناسبًا لمختلف الاستخدامات، وفيما يلي أبرز مزاياه:
- يُعرف البوليستر بصلابة أليافه وقوتها العالية، مما يجعله مقاومًا للتمزق والتآكل حتى مع الاستخدام المكثف.
- لا يتأثر بسهولة عند تعرضه لمعظم المواد الكيميائية، وهذا يجعله خيارًا مثاليًا للبيئات الصناعية أو المعرضة للمواد القاسية.
- بفضل طبيعته الطاردة للرطوبة، لا يحتفظ البوليستر بالماء، مما يمنحه قدرة على الجفاف السريع، ويجعله مثاليًا للملابس الرياضية والمطرية.
- يمكن تصنيع أليافه بشكل مجوف ليُضفي عليه خواص عزل حراري جيدة، وهو مناسب للملابس المصممة للطقس البارد.
- لا يفقد البوليستر طياته أو شكله بعد الغسيل أو التخزين، وهذا يجعله خيارًا مفضلًا للملابس التي تتطلب مظهرًا مرتبًا بشكل دائم.
- يحتفظ بمرونته سواء كان مبللًا أو جافًا، دون أن يتأثر الأداء أو الشكل العام للقماش.
- لا يحتاج إلى مجهود كبير في الغسيل أو الكي، فهو من الأقمشة التي تُقاوم التجاعيد والعفن بشكل طبيعي.
سلبيات استخدام قماش البوليستر
رغم الانتشار الواسع لاستخدام البوليستر في صناعة الملابس والمفروشات، إلا أن له بعض السلبيات التي تؤثر على تجربة المستخدم، خاصة في ظروف معينة، وهي:
- لا يُعد البوليستر الخيار الأمثل للملابس التي تُرتدى لفترات طويلة في الأجواء الحارة، حيث إن نسيجه لا يسمح بتدفق الهواء بحرية إلى الجسم، فيؤدي إلى زيادة الإحساس بالحرارة والتعرق.
- مقارنة بالأقمشة الطبيعية مثل القطن، يُظهر البوليستر قدرة منخفضة على امتصاص العرق والرطوبة، مما يجعله أقل راحة في بيئات العمل الشاقة أو أثناء التمارين الرياضية.
- يُعد البوليستر من المواد سريعة الاشتعال نسبيًا، لذا يُنصح بتوخي الحذر عند ارتدائه أو استخدامه بالقرب من مصادر اللهب أو الحرارة العالية.
خطوات العناية بقماش البوليستر
يتطلب قماش البوليستر أسلوب عناية يتناسب مع طبيعته الصناعية وخصائصه الفريدة حتى يُضمن الحفاظ على جودته ومظهره لأطول فترة ممكنة، وهنا نعرض أبرز النصائح للعناية به:
- يمكن غسل البوليستر في الغسالة دون قلق، ويُفضل استخدام دورة غسيل معتدلة، مع إمكانية إضافة منعم الأقمشة لمنحه نعومة إضافية.
- يُنصح بضبط المجفف على حرارة منخفضة أثناء التجفيف، لتفادي تلف الألياف أو انكماش النسيج.
- رغم أن البوليستر يتميز بمقاومته للتجاعيد، إلا أنه يمكن كيه عند الحاجة باستخدام مكواة بدرجة حرارة معتدلة دون استخدام البخار العالي.
- ولمن يُفضل الحفاظ على نعومة وأناقة القماش، فإن التنظيف الجاف يُعد وسيلة سهلة وفعالة دون الحاجة لأي جهد إضافي.
كيفية صنع قماش البوليستر
تتعدد أساليب تصنيع قماش البوليستر، ويعتمد اختيار الطريقة على الغرض النهائي من استخدامه وشكل الألياف المطلوبة، إذ يتم إنتاج البوليستر بأربعة أشكال رئيسية، يحدد كل منها وفقًا لطبيعة المنتج المراد تصنيعه:
- الألياف المستمرة (الخيوط): في هذا الشكل، تُنتج ألياف البوليستر بشكل متواصل دون انقطاع، مما يمنح القماش ملمسًا ناعمًا وسطحًا أملس، ويُستخدم عادة في الملابس التي تتطلب مظهرًا انسيابيًا وأنيقًا.
- الألياف المقطوعة (التيلة): تُقص الخيوط الطويلة إلى أطوال محددة لتكوين ألياف قصيرة، تُسهل مزجها مع أنواع أخرى من الأقمشة مثل القطن أو الصوف، فيفتح المجال أمام استخدامات متعددة.
- النسالة: وهي ألياف بوليستر تُصنع بشكل غير محكم لتكوين نسيج خفيف وفضفاض، وتُستخدم في التطبيقات التي تتطلب ملمسًا ناعمًا وخفيف الوزن مثل الحشو أو الفلاتر.
- الحشوة: وهو الشكل الأكثر سماكة وضخامة، ويُستخدم في صناعة الأغطية، والبطانيات، والوسائد، والملابس المخصصة للأجواء الباردة، لما يتميز به من قدرة على الاحتفاظ بالحرارة.
ومن بين هذه الأشكال، يُعتبر كل من الخيوط المستمرة والتيلة هما الأكثر شيوعًا واستخدامًا في مجالات خياطة الأقمشة والمنسوجات، نظرًا لتنوع خصائصهما ومرونة دمجهما مع خامات أخرى.
بداية قصة قماش البوليستر
بدأت قصة قماش البوليستر في عشرينيات القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1926، عندما شرعت شركة “دو بونت” الأمريكية، بقيادة الكيميائي البارز والاس هيوم كاروثرز، في دراسة الجزيئات الضخمة وتطوير الألياف الصناعية، ففي البداية، انصب التركيز على اكتشاف النايلون، الذي كان أول الألياف الصناعية في التاريخ.
لاحقًا، بين عامي 1939 و1941، جذبت هذه الأبحاث اهتمام علماء بريطانيين من جمعية طابعات كاليكو المحدودة، الذين قاموا بإجراء أبحاث موازية أدت إلى اكتشاف ألياف جديدة أطلقوا عليها اسم “تريلين”، وهو الاسم الذي اشتهر به البوليستر في المملكة المتحدة.
في عام 1946، حصلت شركة “دو بونت” على حقوق تصنيع ألياف البوليستر داخل الولايات المتحدة، وبدأت في تطوير المنتج على نطاق أوسع، وبحلول عام 1951، تم طرح البوليستر في الأسواق تحت الاسم التجاري “داكرون”، الذي أصبح علامة فارقة في عالم الأقمشة الصناعية، ومع النجاح الكبير لهذا النسيج المتين والعملي، سارعت العديد من الشركات الأخرى إلى دخول هذا المجال، حيث قامت بإنتاج أنواع مختلفة من أقمشة البوليستر لتلائم طيفًا واسعًا من الاستخدامات، من الأزياء إلى المفروشات والمنتجات الصناعية.
استخدامات البوليستر
يُعد البوليستر من المواد الصناعية متعددة الاستخدامات، بفضل خصائصه الاستثنائية من حيث المتانة، وخفة الوزن، ومقاومة التآكل والرطوبة، وهذه الميزات جعلته مكونًا رئيسيًا في العديد من المجالات، نذكر منها:
- الملابس والمنسوجات: في سبعينيات القرن الماضي، برز البوليستر بقوة في صناعة الأزياء، حيث لقي رواجًا كبيرًا لقدرته العالية على التحمل ومقاومته للتجاعيد وسهولة العناية به، وحتى اليوم، يُستخدم بشكل واسع في تصنيع الملابس اليومية والرياضية والعملية.
- قطاع السيارات: يُستخدم البوليسترين، أحد مشتقات البوليستر، في صناعة مكونات داخلية وخارجية للسيارات، مثل مقابض الأبواب، ولوحات امتصاص الصدمات، وأجزاء من مقاعد الأمان الخاصة بالأطفال، وذلك نظرًا لصلابته وخفة وزنه.
- العزل الحراري: توفر رغوة البوليسترين أداءً حراريًا متميزًا، بفضل قدرتها على مقاومة امتصاص الماء، مما يجعلها مثالية لعزل الجدران والأسقف في المباني، ووحدات التبريد مثل الثلاجات ومخازن التبريد الصناعي.
- الإلكترونيات: يدخل البوليسترين في تصنيع العديد من الأجهزة الإلكترونية الدقيقة، مثل شاشات التلفاز، وأجهزة الكمبيوتر، ومكونات تكنولوجيا المعلومات، لما يتمتع به من مقاومة كهربائية وقدرة على التشكيل الدقيق.
- تغليف المواد الغذائية: تُستخدم مواد البوليسترين في إنتاج عبوات حفظ الطعام، نظرًا لقدرتها على العزل والحفاظ على الطزاجة، ومنها علب الوجبات الجاهزة، وصواني اللحوم والدواجن، وصناديق البيض.
- التعبئة والتغليف: يُعتبر البوليسترين مادة مثالية لحماية المنتجات أثناء النقل والتخزين، ويُستخدم في تغليف الإلكترونيات، وحاويات الأقراص، وتعبئة المنتجات الهشة.
- التطبيقات الطبية: في المجال الطبي، أثبت البوليسترين فاعليته في تصنيع معدات سهلة التعقيم، مثل أنابيب الاختبار، وصواني زرع الأنسجة، وصناديق الأدوات الطبية، ومجموعات التحليل.
مظهر قماش البوليستر وخصائصه الشكلية
يمتاز قماش البوليستر بمظهره الأنيق واللامع، فيُضفي عليه جاذبية لافتة تجعله خيارًا شائعًا في تصميم الأزياء والمفروشات الحديثة، وهذا البريق الطبيعي لا يمنحه فقط مظهرًا جذابًا، بل يتيح استخدامه في ابتكار قطع تلفت الأنظار وتجمع بين العملية والجمال.
يأتي قماش البوليستر بتشكيلة غنية من الألوان والأنماط، فيمنح المصممين حرية كبيرة في الإبداع، ويوفر للمستهلكين خيارات متنوعة تناسب جميع الأذواق والمناسبات، من الإطلالات اليومية إلى الأثاث الفاخر، فمن حيث السماكة، يتوفر البوليستر في درجات متعددة تتراوح من الخفيف للغاية إلى الثقيل المتين، وهذا التنوع يمنحه مرونة كبيرة في الاستخدامات، فيُستخدم في:
- الملابس الرياضية التي تتطلب خفة وتهوية
- الأزياء الرسمية التي تحتاج إلى تماسك وأناقة
- المفروشات المنزلية التي تتطلب قوة ومتانة
من الجانب العملي، يتميز البوليستر بمرونته الممتازة وقدرته على الحفاظ على شكله الأصلي حتى بعد تكرار الغسيل، كما أن مقاومته العالية للتجاعيد تجعله خيارًا مريحًا لمن يبحث عن ملابس لا تحتاج إلى كي متكرر، إلى جانب ذلك، فإن مقاومته الممتازة للتآكل تجعله أكثر ديمومة من كثير من الأقمشة الطبيعية، فيُطيل عمره الافتراضي ويجعله مثاليًا للاستخدام المكثف.
كل ما يخص قماش بوليستر.. مزاياه وأنواعه وأهم استخداماته المصدر: