«كي بي إم جي» تُحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط

في الوقت الذي تواصل فيه المنشآت العائلية إسهاماتها في الدفع بعجلة اقتصاد المنطقة إلى الأمام، تكشف دراسة عالمية جديدة عن العوامل الجديدة الحاسمة التي ستُحدد ما إذا كانت هذه الشركات ستتمكن حقّاً من الصمود والاستمرار ببساطة أم ستتميز وتُشيّد إرثاً مستداماً للأجيال المقبلة.
يستند تقرير المنشآت العائلية لعام 2025، الذي أعدته «كي بي إم جي» بالتعاون مع «STEP Project Global Consortium»، إلى رؤى مستخلصة من 2683 رئيساً تنفيذياً من 80 دولة حول العالم، ويُسلط الضوء على الطريقة التي يمكن للمنشآت العائلية من خلالها أن تصمد في مشهد عالمي يشهد تحولات تتمثل في تعاقب الأجيال المختلفة، والمتغيرات الرقمية، وتغيّر توقعات الحوكمة وتطورها، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية والبيئية.
وقال عبد الله أكبر، رئيس استشارات المنشآت العائلية والمؤسسات الخاصة في «كي بي إم جي الشرق الأوسط»: «لقد مثَّلت المنشآت العائلية الركيزة الأساسية التي قامت عليها اقتصادات منطقة الخليج، مُقدمةً إسهامات جليلة في مجالات التوظيف والابتكار وتعزيز الهوية الوطنية، ولكن مع دخولنا مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية، تواجه المنشآت ضرورة مُلِحّة لتحديث هياكل حوكمتها، وتنويع محافظها الاستثمارية، واستكشاف الخيارات المتاحة لمواجهة تحديات تعطل سلاسل الإمداد، والاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، ووضع استراتيجيات مُحكمة لمواجهة التنافسية على المواهب وتهيئة الجيل القادم من القيادات وتأهيله».
وتابع عبد الله أكبر: «لم يعد تخطيط تعاقب الأجيال مجرد خيار للنظر فيه وإنما ضرورة استراتيجية؛ فالعقد المقبل سيشهد انتقالاً غير مسبوق للثروات والمسؤوليات، وتلك المنشآت العائلية التي تخطو اليوم خطوات جريئة ومدروسة من خلال تعزيز مجالس إدارتها، وإشراك قادتها المستقبليين بفاعلية، والتوافق مع أولويات وممارسات الاستدامة المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات هي التي سترسم ملامح مستقبل القطاع الخاص».
ويؤكد التقرير أنَّ الحوكمة هي أساس تحقيق النجاح؛ إذ تبين أن المنشآت العائلية ذات الأداء المتميز تزداد احتمالية امتلاكها هياكل مجالس إدارة رسمية بنسبة 10 في المائة؛ ما يُعزز أهمية اتخاذ القرارات والرقابة الاستراتيجية. وفي الواقع، أنشأت 67 في المائة من المنشآت ذات الأداء المتميز على مستوى العالم مجالس إدارة، وفي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ارتفع هذا الرقم ليبلغ 89 في المائة، وهو الأعلى على مستوى العالم. ويُعد هذا الإقبال القوي على الحوكمة والتركيز عليها إشارة واضحة إلى أنَّ المنشآت العائلية في المنطقة أخذت تهيئ نفسها لتحقيق النمو المستدام والنجاح المستمر عبر الأجيال.
ومع ذلك، فإنَّ الحوكمة وحدها لا تكفي؛ إذ يؤكد التقرير أنَّ ريادة الأعمال ونمو رأس المال أصبحا ضروريين بشكل متزايد. كما جاء في التقرير أنَّ نحو 500 منشأة عائلية على مستوى العالم في عمليات اندماج واستحواذ؛ حيث كانت 60 في المائة من المنشآت المستحوذ عليها مملوكة للعائلات أيضاً على مدى السنوات الثلاث الماضية؛ ما يُشير إلى الرغبة المتزايدة لدى المنشآت العائلية في التوسع من خلال إبرام شراكات استراتيجية ومتوافقة مع القيم، بدلاً من النمو وحده. كما تراقب شركات الأسهم الخاصة ذلك من كثب، وتظهر اهتماماً متزايداً بالمنشآت العائلية ذات الإدارة الرشيدة والأداء الثابت والرؤية طويلة الأجل.
وتمثل المنشآت العائلية نسبة تقترب من 95 في المائة من إجمالي المنشآت في السعودية وحدها، وفقاً للأرقام الصادرة عن المركز الوطني للمنشآت العائلية. وتسهم هذه الشركات بنحو 66 في المائة في الناتج الإجمالي المحلي للقطاع الخاص، وتوظف نحو 56 في المائة من العاملين في القطاع الخاص، وتعمل هذه المنشآت في مختلف القطاعات الحيوية، بدءاً من التشييد والبناء والتصنيع، وصولاً إلى قطاعات البيع التجزئة والضيافة والمالية.
وفي الوقت الذي تمضي فيه السعودية قدماً في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030 ومستهدفاتها في التحول الاقتصادي، ستلعب الاستدامة طويلة الأجل لهذه المنشآت دوراً محورياً لتحقيق أهداف النمو الوطنية. وفي الوقت الحالي، تتوسع العديد من المجموعات العائلية أيضاً خارج قطاعات الأعمال التقليدية لتدخل في قطاعات جديدة مثل: قطاعات التكنولوجيا والخدمات اللوجستية والتعليم والرعاية الصحية؛ ما يفتح آفاقاً جديدة وواعدة لنماذج استثمار وتعاون مثمر.
ومن الجدير بالاهتمام أن التقرير يسلّط الضوء على أهمية التفاعل بين الأجيال؛ فعلى الرغم من الدور المحوري الذي تؤديه الأجيال الشابة في دفع عجلة الابتكار وتعزيز الاستدامة، فإن 52 في المائة فقط من أفراد الجيل القادم في العائلات منخرطون حالياً في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. وهذه تُمثل فرصة مهدرة، لا سيما أن خلفاء جيل الألفية وجيل إكس يمتلكون القدرة على طرح رؤى جديدة في مجالات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتحول الرقمي، والاستثمار المؤثر. وفي الوقت نفسه، أعرب ما يقرب من 40 في المائة من أفراد العائلات المشاركين في الاستطلاع عن مخاوفهم بشأن مدى جودة التواصل بين أفراد العائلة؛ ما يشير إلى الحاجة إلى أدوار أكثر وضوحاً، وحوار أقوى، وهدف مشترك.
«كي بي إم جي» تُحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط المصدر: