لجنة أممية: “مجازر وانتهاكات ترقى لجرائم حرب” في الساحل السوري

وشملت أعمال العنف – التي استهدفت في المقام الأول المجتمعات العلوية وبلغت ذروتها في مجازر وقعت في أوائل آذار/مارس – القتل والتعذيب والأفعال اللاإنسانية المتعلقة بمعاملة الموتى، والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل.
وأدى ذلك إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. وتم تصوير بعض هذه الأعمال المروعة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب لقطات لمدنيين يتعرضون للإساءة والإذلال، وفق بيان أصدرته اللجنة اليوم الخميس.
وقد ارتكبت هذه الانتهاكات من قبل عناصر قوات الحكومة المؤقتة وأفراد عاديين عملوا إلى جانبهم، وكذلك من قبل مقاتلين موالين للحكومة السابقة أو ما يسمى بـ “الفلول”. وشملت الانتهاكات أفعالا قد ترقى إلى جرائم الحرب.
نمط مقلق من عمليات القتل
وقال باولو سيرجيو بينيرو رئيس اللجنة: “إن حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مقلق للغاية. ندعو السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع الجناة، بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم. ورغم التقارير عن اعتقال العشرات من الجناة المزعومين منذ ذلك الحين، فإن حجم العنف الموثق في تقريرنا يستدعي توسيع نطاق هذه الجهود”.
وفي إطار نمط مقلق من عمليات القتل الموثقة في عدة مواقع، “تم أولا تحديد الرجال الذين ينتمون إلى الطائفة العلوية، ثم فصلهم عن النساء والأطفال قبل اقتيادهم إلى الخارج لإطلاق النار عليهم وقتلهم”.
وتُركت الجثث في الشوارع لأيام، ومُنعت العائلات من دفنها وفقا للطقوس الدينية، بينما دُفن آخرون في مقابر جماعية دون توثيق سليم. وأصبحت المشافي منهكة بسبب تراكم الجثث. وكانت المرافق الطبية في طرطوس واللاذقية قد شهدت شللا في قدرتها الاستيعابية بعد هجمات شنها مقاتلون موالون للحكومة السابقة خلال مرحلة سابقة من العنف.
وخلصت اللجنة إلى أن قوات الحكومة المؤقتة سعت في بعض الحالات إلى وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، أقدم أفراد من فصائل معينة، تم دمجها مؤخرا في قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة، على إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء وتعذيبهم وإساءة معاملتهم في العديد من القرى والأحياء ذات الأغلبية العلوية بطريقة منهجية وواسعة النطاق.
وذكرت اللجنة أنها وثقت أنماطا متسقة من العنف ضد السكان المدنيين في مواقع متعددة، شملت الاستهداف على أساس الانتماء الديني والعمر والجنس، إلى جانب عمليات إعدام جماعي.
تحقيقات مكثفة
واستندت نتائج اللجنة إلى تحقيقات مكثفة، شملت أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود. وأعربت اللجنة عن امتنانها للسلطات المؤقتة لإتاحة الوصول غير المقيد إلى المناطق المتضررة في اللاذقية وطرطوس في حزيران/يونيو 2025، بما في ذلك للقاء مجموعة من المسؤولين فضلا عن زيارة ثلاثة مواقع لمقابر جماعية.
وما يثير القلق أن اللجنة لا تزال تتلقى معلومات عن انتهاكات مستمرة في العديد من المناطق المتضررة، بما في ذلك اختطاف النساء والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري، فضلا عن استمرار نهب الممتلكات واحتلالها.
وقد أدى العنف الشديد الذي وقع إلى تعميق الانقسامات القائمة بين المجتمعات المحلية، مما ساهم في خلق جوّ من الخوف وانعدام الأمان بين العديد من السوريين في جميع أنحاء البلاد، وفقا لبيان اللجنة الأممية.
يمكنكم قراءة المزيد عن تقرير اللجنة هنا.
أنشئت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية بتاريخ 22 آب/أغسطس 2011 من قبل مجلس حقوق الإنسان بموجب القرارS-17/1. وتتمثل ولاية اللجنة في التحقيق بشأن كل الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة منذ آذار/مارس 2011 في الجمهورية العربية السورية.
وكلف مجلس حقوق الإنسان اللجنة كذلك بإثبات الوقائع والظروف التي قد ترقى إلى مثل تلك الانتهاكات والخاصة بالجرائم المرتكبة مع القيام، حيثما أمكن، بتحديد الجناة بهدف التأكد من مساءلة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، بما في ذلك الانتهاكات التي قد ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية. وقد مدد مجلس حقوق الإنسان ولاية اللجنة مرارًا منذ ذلك الحين، وآخرها حتى 31 آذار/مارس 2025.
لجنة أممية: “مجازر وانتهاكات ترقى لجرائم حرب” في الساحل السوري المصدر: