ما هو الفضاء الخارجي؟ دليلك الشامل لفهم الكون ومكوناته

الفضاء هو الامتداد الفارغ الواسع الذي يقع بين الأجسام السماوية في الكون، ويُطلق عليه مصطلح “الفضاء الخارجي” لتمييزه عن الغلاف الجوي المحيط بكوكب الأرض، ومن منظور الفيزياء، يُعد الفضاء حيزًا ثلاثي الأبعاد غير محدود، تتحرك فيه الأجسام وتتخذ أوضاعًا واتجاهات مختلفة نسبيًا، ويُستخدم هذا التعريف بين علماء الفيزياء والفلك لتفسير حركات الأجسام في الكون.
موقع الفضاء الخارجي وصفاته
جدول المحتويات
يبدأ الفضاء الخارجي تقريبًا على بُعد 100 كيلومتر من سطح الأرض، فيما يُعرف بـ”خط كارمان”، ويُعد هذا الفضاء بيئة غير صالحة للتنفس لافتقاره إلى الهواء.
كما يتميز بلونه الأسود القاتم، نتيجة غياب الأكسجين وغياب تشتت ضوء الشمس، على عكس ما نراه في السماء الزرقاء خلال النهار، حيث يُسبب الغلاف الجوي الغني بالأوكسجين تشتت الضوء، مما يمنح السماء لونها الأزرق المألوف.
مدى اتساع الفضاء الخارجي
من الصعب تحديد الحجم الدقيق للفضاء الخارجي نظرًا لاتساعه الهائل وتحديات الرصد. لذا يستخدم العلماء وحدة السنة الضوئية لقياس المسافات الكونية، وهي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة وتبلغ نحو 9.46 تريليون كيلومتر.
وبفضل التلسكوبات الحديثة، أصبح بالإمكان رسم خريطة تقريبية للمجرات الممتدة منذ نشأة الكون، والتي يُعتقد أنها بدأت قبل نحو 13.7 مليار سنة وفقًا لنظرية الانفجار العظيم.
ماذا يحتوي الفضاء الخارجي؟
رغم الاعتقاد الشائع بأن الفضاء فراغ تام، إلا أنه يحتوي على:
- غازات (الهيدروجين، الهيليوم بشكل أساسي)
- غبار كوني وجسيمات دقيقة
- مجالات مغناطيسية وكهربائية
- إشعاعات كونية
وتُعد المناطق البينية بين النجوم باردة وضعيفة الكثافة، وقد تحتوي بعض المناطق على جزيء واحد فقط لكل سنتيمتر مكعب، في حين تحتوي مناطق أخرى على نسب أعلى.
هل توجد جاذبية في الفضاء؟
الفضاء لا يخلو تمامًا من الجاذبية، لكنه يُعد منطقة ضعيفة الجاذبية، ويكون السبب هو انخفاض الكتلة في تلك المناطق، ما يقلل من تأثير الجذب، كما أن غياب المعالم المرجعية يجعل من الصعب الشعور بالحركة أو اتجاهها.
لماذا لا يُسمع الصوت في الفضاء؟
الفضاء بيئة صامتة تمامًا، لأنه لا يحتوي على وسط مادي (كالهواء) لانتقال الموجات الصوتية، لذلك لا يستطيع رواد الفضاء سماع بعضهم البعض دون أجهزة خاصة، ويعتمد رواد الفضاء على موجات الراديو للتواصل، لأنها تستطيع الانتقال في الفراغ، على عكس الموجات الصوتية.
ما هو الكوكب الأكثر حرارة؟
رغم أن عطارد هو الأقرب إلى الشمس، إلا أن الزهرة هو الكوكب الأشد حرارة، حيث تصل درجة حرارته إلى نحو 471 درجة مئوية، والسبب هو غلافه الجوي الكثيف والمشبع بثاني أكسيد الكربون، والذي يسبب تأثيرًا هائلًا للاحتباس الحراري، فلا تسمح حرارته بالإفلات حتى أثناء الليل.
الجاذبية على المريخ
كوكب المريخ يمتلك جاذبية تُعادل 38% من جاذبية الأرض فقط، فمن يزن 100 كيلوجرام على الأرض، سيزن 34 كيلوجرامًا فقط على المريخ، وهذا يُعد ميزة للمهمات الفضائية، حيث يُمكن للروبوتات والمعدات الثقيلة أن تتحرك بسهولة أكبر على سطح الكوكب الأحمر.
حجم الكون المرئي
رغم ضخامة الكون المرئي، إلا أنه لا يُشكّل سوى 5% فقط من الكتلة الكونية، أما 95% المتبقية، فهي تتكوّن من:
- المادة المظلمة: لا تُصدر ضوءًا، لكنها تؤثر على حركة المجرات بجاذبيتها.
- الطاقة المظلمة: قوة غامضة تُسبب التوسع المتسارع للكون، وتشكل وحدها حوالي 68% من الكون.
أشهر الظواهر الكونية في الفضاء
- الثقوب السوداء: مناطق ذات جاذبية خارقة تبتلع الضوء وكل ما يقترب منها.
- النجوم النيوترونية: أجسام فائقة الكثافة، رغم صغر حجمها، إلا أن كتلتها تفوق كتلة الشمس.
- النجوم المتغيرة: تتغير شدة إضاءتها بانتظام، إما لأسباب داخلية أو بسبب تفاعلها مع نجوم مجاورة.
- السُدم (جمع سديم): سحب ضخمة من الغازات والغبار، وهي بمثابة حضانات ولادة النجوم، مثل سديم الجبار الشهير.
كيف يتدرّب روّاد الفضاء قبل الانطلاق؟
يخضع روّاد الفضاء لبرامجٍ تدريبية دقيقة وشاملة تستغرق عدة سنوات، لضمان جاهزيتهم الكاملة لمواجهة التحديات الفريدة التي تفرضها بيئات الفضاء، يبدأ الأمر بمرحلة الاختيار، حيث يُشترط في المتقدّمين استيفاء معايير صارمة تشمل مستوى عاليًا من الذكاء، والقدرة على التكيّف تحت الضغط، واللياقة البدنية، والسلامة الطبية، إضافةً إلى مؤهلات أكاديمية متقدمة في مجالات العلوم أو الهندسة أو الطب.
في المرحلة الأولى من التدريب، يخضع المرشحون لتقييمات صحّية وبدنية صارمة، ويتلقون تدريبات أساسية في علوم وتكنولوجيا الفضاء، والطب الطارئ، ونظام عمل المحطّة الفضائية الدولية، كما يتعلّمون الغوص، نظرًا لكونه دورًا فعالًا في محاكاة ظروف انعدام الجاذبية داخل بيئات التدريب تحت الماء.
مع التقدّم في البرنامج، ينتقل المتدرّبون إلى مرحلة التدريب المتقدم التي تتضمّن دراسة مفصّلة لمكوّنات المحطّة الفضائية واكتساب خبرات تقنية متخصّصة حول أنظمة الاتصالات ومركبات النقل الفضائي، إضافةً إلى كيفية التنسيق مع مراكز التحكم الأرضية، كما يخضع الروّاد لتجارب طيران مكافئة لمحاكاة الجاذبية الصغرى، مما يساعدهم على التأقلم مع شعور انعدام الوزن الذي سيواجهونه في المدار.
يتنقّل روّاد الفضاء بين مراكز التدريب العالمية؛ من وكالة ناسا في الولايات المتحدة، وروسكوسموس في روسيا، ووكالة الفضاء اليابانية (JAXA)، ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، ويتطلّب ذلك أحيانًا تعلّم لغات جديدة، مثل الروسية، إلى جانب إجادة الإنجليزية بشكل أساسي، لضمان التواصل السلس مع جميع أفراد الطاقم والمراكز الدولية المشاركة في المهام الفضائية.
هذا التدريب المكثّف لا يقتصر على الجوانب التقنية فحسب، بل يشمل أيضًا تعزيز مهارات العمل الجماعي والتواصل الفعّال لضمان تعاون الطاقم في بيئة فضائية معقّدة ومعزولة، وهو عامل حاسم في نجاح أي مهمة طويلة الأمد.
الفرق بين المحطّة الفضائية الدولية والمركبات الفضائية
تُعتبر المركبات الفضائية العمود الفقري في مهام استكشاف الفضاء؛ فهي تُستخدم في نقل البشر والبضائع، ودراسة الكواكب، ومراقبة الأرض، وتنفيذ تجارب علمية معقدة، تعتمد هذه المركبات على صواريخ الإطلاق للوصول إلى المدار، وتتنوع بين مأهولة مثل “دراغون” التي تنقل روّاد الفضاء، وغير مأهولة مثل المسابر العلمية؛ فوييجر ونيو هورايزونز، اللتين تسافران إلى ما وراء النظام الشمسي، وعلى الرغم من أن معظمها لا يعود إلى الأرض، فإن بعض النماذج الحديثة صُمِّمت لإعادة الاستخدام، وقد نجحت دولٌ عديدة في إطلاق مركبات فضائية، من أبرزها الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند واليابان.
أما المحطّات الفضائية، فهي منشآت ضخمة تدعم الحياة البشرية في الفضاء لفترات طويلة، ومن بينها المحطة الفضائية الدولية – أكبر مشروع فضائي تعاوني بين وكالات عالمية، وتدور المحطة الفضائية الدولية في مدار مائل بزاوية 51.6°، ولا تمتلك أنظمة دفع ذاتية، لذا تعتمد على مركبات الإمداد وتبديل الطواقم، ومن المحطّات التي خرجت من الخدمة: مير، وسكاي لاب، وتيانغونغ-1، بينما تُخطط دول وشركات لبناء محطات جديدة خلال العقود المقبلة لتوسيع النشاط البشري في الفضاء.
معلومات عن الأقمار الصناعية
منذ إطلاق أول قمر اصطناعي عام 1957، تم إرسال أكثر من 5,000 قمر لأغراض مدنية وعسكرية، وصُنِّفت وفق مداراتها إلى نوعين رئيسيين:
- الأقمار المتزامنة مع الأرض، التي تدور على ارتفاع نحو 35,800 كيلومتر، وتُستخدم في الاتصالات والأرصاد الجوية.
- الأقمار القطبية، التي تدور من القطب إلى القطب، وتُستخدم في رصد الكوارث والطقس، وتزويد الأرض ببيانات دقيقة عن الغلاف الجوي من الضغط والرطوبة.
هناك كذلك أقمار الاتصالات الأكثر استخدامًا عالميًا في البث التلفزيوني والمكالمات والإنترنت، فتتنوع مداراتها بين المنخفض والمتزامن بحسب نوع الخدمة، وتُتيح المراصد الفلكية الفضائية للعلماء مراقبة الكون دون تأثير الغلاف الجوي، مما أدّى إلى اكتشافات فلكية مهمة.
كما تُستخدم أقمار مراقبة الأرض لرصد الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية بدقّة، وتلعب دورًا في الإنذار المبكر وتحديث الخرائط الجوية، ومن الجانب العسكري، هناك أقمار يصعب الكشف عن تفاصيلها، لكنها تُستخدم غالبًا في التجسس والمراقبة، مع وجود شائعات حول تسليح بعضها.
وتُوفّر أقمار الملاحة مثل GPS وغلوناس وغاليليو خدمات تحديد المواقع بدقّة عالية؛ فهي تدور في المدار المتوسط على ارتفاع نحو 20,000 كيلومتر، وتبرز الأقمار الاصطناعية المصغّرة كأدوات بحثية وتعليمية منخفضة التكلفة، وتُصنّف من مايكرو ونانو حسب وزنها، وتنتجها الجامعات بكثافة.
مخاطر السفر إلى الفضاء على الإنسان
يُعتبر الفضاء بيئة قاسية على جسم الإنسان، إذ يتعرّض روّاد الفضاء لعدة مخاطر:
- انعدام الجاذبية: يؤدي إلى فقدان الكتلة العضلية وكثافة العظام تدريجيًّا، ومشكلات في توازن سوائل الجسم تؤثر على النظر ووظائف القلب.
- العيش في بيئة مغلقة ومعزولة: قد يسبب اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، مما يستدعي برامج دعم نفسي مُكثفة.
- الإشعاع الكوني: يتعرّض الروّاد لمستويات عالية من الأشعة الكونية والجسيمات الشمسية، ما قد يضر بالحمض النووي ويزيد خطر الإصابة بالسرطان أو الأمراض العصبية على المدى الطويل.
ومع التخطيط لمهام الفضاء العميق، كرحلات المريخ، تصبح حماية الإنسان من هذه الإشعاعات تحديًا رئيسيًا أمام وكالات الفضاء.
هل الفضاء بارد أم حار؟
الفضاء الخارجي بارد جدًا، حيث تصل درجة حرارته إلى نحو –270.45 درجة مئوية، خصوصًا في المناطق البعيدة عن النجوم ومصادر الحرارة الأخرى.
هل يمكن للإنسان العيش على كوكب آخر؟
يرى علماء الفلك أن احتمالية وجود حياة على كواكب أخرى شبيهة بالأرض لا تزال قائمة، وبخاصة في أعماق الكون الواسع، لكن فرص العثور على حياة ضمن كواكب المجموعة الشمسية ضئيلة، فالسبب الرئيسي ندرة الماء السائل، وهو عنصر حيوي لأي شكل من أشكال الحياة.
لا يمكن أن تكون بيئة صالحة إذا كانت باردة جدًا لدرجة تجمّد المياه أو ساخنة جدًا لتبخّرها؛ لذا فإن عطارد والزهرة يعانيان من درجات حرارة عالية جدًا، بينما أورانوس ونبتون يفتقران إلى الدفء الكافي لبقاء الماء سائلاً، كما تعتمد صلاحية الكواكب للحياة على وجود غلاف جوي يحمي السطح، ومجال مغناطيسي قوي لحمايتها من الإشعاعات الشمسية، وهذان العنصران ضروريان للحفاظ على الأكسجين والماء والحياة.
كيف يُقاس الزمن في الفضاء؟
قياس الزمن في الفضاء يتأثر بنظرية النسبية لألبرت أينشتاين، فحين يتحرك جسم بسرعات عالية، كما في المركبات الفضائية، يحدث تباطؤ نسبي للزمن مقارنة بالزمن على الأرض، ويُطلق على ذلك “تمدّد الزمن”.
على سبيل المثال، رائد فضاء يقضي وقتًا في مدار المحطّة الفضائية الدولية سيختبر مرور الوقت أبطأ قليلًا من شخص على سطح الأرض، وإن كان الفارق ضئيلًا جدًا، كما يستخدم الروّاد في المحطّة التوقيت العالمي المنسق (UTC) لتنسيق الأنشطة مع مراكز التحكم الأرضية، مثل ناسا وESA.
في تجربة التوأم الشهيرة، سافر أحد التوأمين في رحلة بسرعة تقترب من 95% من سرعة الضوء، فعند عودته كانت رحلة رفيقه الفضائي قد تجاوزت عشر سنوات، بينما بقى توأمه على الأرض لأكثر من اثنتين وثلاثين سنة، مما يوضّح أن الزمن نسبي ويعتمد على الإطار المرجعي وسرعة الحركة والجاذبية.
رحلات البشر إلى الفضاء
بدأت رحلات البشر رسميًّا مع انطلاق يوري غاغارين عام 1961 في رحلة فوستوك 1، ليصبح أول إنسان يدور حول الأرض، ومنذ ذلك الحين، شهدت تكنولوجيا الفضاء تطورًا هائلًا، فأطلقت وكالات مثل ناسا وروسكوسموس وسبيس إكس رحلات مأهولة إلى المدار القريب والقمر ضمن برامج أبولو.
اليوم، تتجه الجهود نحو إرسال رحلات مأهولة إلى المريخ، باستخدام مركبات قابلة لإعادة الاستخدام وأنظمة دعم حيوي متقدمة، ومن المشاريع التاريخية برنامج فوستوك (1961–1963) الذي ضمّ ستة روّاد فضاء، وبرامج الجوزاء وأبولو وسكايلاب، ومن المشاريع المستقبلية: بناء محطّات فضائية تجارية، وتطوير سفن للفضاء العميق، وإقامة مستعمرات على القمر والمريخ، لتوسيع النشاط البشري واستكشاف الكون.
ما هو الفضاء الخارجي؟ دليلك الشامل لفهم الكون ومكوناته المصدر: