اخر الاخبار

ما وراء الرعاية الصحية الافتراضية: القوة التحويلية للصحة الرقمية في الطب الحديث


إن دمج التقنية في تقديم الرعاية الصحية لا يتعلق بالابتكار فحسب، بل هو ضرورة حتمية لمواكبة التطور المتسارع في هذا المجال. وتحتاج المملكة العربية السعودية التي يقدر عدد سكانها بنحو 33 مليون نسمة، إلى حلول رعاية صحية قابلة للتوسع بشكل فعّال، وتعمل البنية الأساسية للاتصالات كأساس لهذا التحول الرقمي في مجال الصحة. ويأتي هذا التوجه للاستفادة من الحلول الرقمية لمواجهة الحاجة الملحة لتحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية والاستفادة من كفاءتها الفعّالة وتكلفتها المناسبة في جميع أنحاء المملكة.منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في عام 2016، استثمرت المملكة بشكل كبير في التحول الرقمي لتحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية وكفاءتها. ويتجلى هذا الاستثمار في البنية التحتية الرقمية الحالية، حيث يبلغ معدل انتشار الإنترنت في المملكة 99% وتتوفر 98% من الخدمات الحكومية عبر الإنترنت. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل تمثل الأساس التقني القوي الذي يمكّن توسيع خدمات الصحة الرقمية في جميع أنحاء المملكة. لقد أثبتت العديد من هذه المبادرات الصحية الرقمية أهميتها الحيوية لاسيما خلال جائحة “كوفيد-19″، مما يدل على أهميتها في تقديم الرعاية الصحية الحديثة.

يتضح حجم التحول في مجال الصحة الرقمية في المملكة من خلال توقعات السوق. حيث تشير الاحصائيات بأن يصل هذا القطاع في المملكة إلى 1,603 مليون دولار بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي قدره 8.77٪ ليصل إلى 2,244 مليون دولار بحلول عام 2029. وسيمثل العلاج والرعاية الرقمية أكبر شريحة بقيمة 1,072 مليون دولار بحلول عام 2025 في السوق السعودي. ودعماً لهذا النمو، توفر شركة “اتحاد سلام للاتصالات” البنية التحتية الأساسية للاتصالات لمراكز الرعاية الصحية في جميع أنحاء المملكة، بالشراكة مع مزودي حلول الحوسبة السحابية لتقديم خدمات الرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وأنظمة السجلات الصحية الرقمية الآمنة. ويضمن هذا التعاون أن تتمتع مرافق الرعاية الصحية بالأساس التقني القوي اللازم للعمل بكفاءة. ويهدف هذا النمو إلى توسيع البنية التحتية للاتصالات التي تدعم كل شيء بدءاً من التشخيصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي إلى أنظمة البلوك تشين لإدارة بيانات المرضى بشكل آمن. ويؤدي دمج أجهزة إنترنت الأشياء وتحليلات البيانات الضخمة إلى خلق إمكانيات جديدة للتنبؤ بالأمراض والوقاية منها وإدارتها.

اقراء ايضا  دواء جديد لعلاج هشاشة العظام

عملت المملكة على مواجهة التحديات في مجال الرعاية الصحية وتعمل على توفير الحلول الرقمية لمعالجتها. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يكون 25% من السكان البالغ عددهم 40 مليون نسمة أكبر من 60 عاماً، مما يتطلب أنظمة رعاية صحية أكثر تطوراً. في الوقت الحالي، يعاني 50% من السكان من زيادة الوزن، ويعاني أكثر من 20% منهم من السمنة، ويعاني 7 ملايين سعودي من مرض السكري من النوع الثاني. وتتطلب هذه الأمراض المزمنة مراقبة مستمرة وتنسيق في الرعاية الصحية.

وتهدف المملكة إلى رقمنة 70% من الأنشطة المتعلقة بالمرضى بحلول عام 2030، مما يُظهر مدى التقدم التقني الكبير. وفي إطار قيادتها لهذا التسارع الرقمي المتزايد، تعمل وزارة الصحة السعودية من خلال عدة مبادرات وبرامج لإحداث تحول جذري في تقديم الرعاية الصحية في جميع أنحاء المملكة. يتم ذلك من خلال توظيف الأنظمة الرقمية المتقدمة والتقنيات الذكية لتحسين تكامل خدمات الرعاية الصحية، وتمكين اتخاذ قرارات تستند إلى البيانات، وتحسين المخرجات. تُتيح هذه الحلول الرقمية لمقدمي الرعاية الصحية أتمتة العمليات، وزيادة الكفاءة، وتقديم رعاية صحية أكثر سهولة، خاصةً في المناطق النائية.

بالرغم من التقدم الكبير في التحول الرقمي في مجال الصحة، لا تزال هناك تحديات رئيسية قائمة. وتشمل هذه التحديات المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات، والحاجة إلى تعزيز المعرفة الرقمية بين المتخصصين في مجال الرعاية الصحية والتي تشكل عقبات مستمرة. ومع ذلك، فان هذه التحديات تخلق فرصاً للابتكار داخل منظومة الصحة الرقمية، خاصة في تطوير أنظمة أكثر أماناً وسهولة في الاستخدام.

إن التحول نحو حلول الصحة الرقمية التي تركز على المستهلك يعيد تشكيل الطريقة التي يتم بها تقديم خدمات الرعاية الصحية والوصول إليها. وتتيح الشبكات المتقدمة نقل البيانات ومعالجتها في الوقت الفعلي، مما يؤدي إلى إنشاء تنسيق سلس بين مقدمي الرعاية الصحية. وتظهر المنصات التي تقدم استشارات فورية وبرامج رعاية صحية رقمية مخصصة مدى القبول المتزايد لحلول الصحة الرقمية بين المواطنين السعوديين.

اقراء ايضا  الصحة: ضبط طبيب وافد لمخالفته أنظمة مزاولة المهن الصحية والجرائم المعلوماتية وإحالته إلى الجهات الأمنية

ومع استمرار المستشفيات والمراكز الصحية في تطبيق اللامركزية، فإن السعي لتحقيق الكفاءة التشغيلية يعمل على تسريع اعتماد التقنية في كافة قطاعات الرعاية الصحية. ويتطلب هذا التحول بنية تحتية قادرة على دعم الاحتياجات الحالية والتقنيات الناشئة التي ستشكل مستقبل تقديم الرعاية الصحية. بدءاً من التشخيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي إلى مراقبة المرضى عن بُعد. وتعمل هذه التطورات في الصحة الرقمية على إنشاء نظام رعاية صحية أكثر استجابة وكفاءة وتركيزاً على المريض.

مع استمرار رؤية المملكة 2030 في دفع مسيرة عجلة التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية، يظل التركيز منصباً على إنشاء نظام تقني متكامل قائم على القيمة. وستصبح البنية التقنية الداعمة لهذه المبادرات الصحية الرقمية أكثر أهمية ودعماً لتوجه المملكة نحو الرعاية الوقائية وتقليل الاعتماد على المستشفيات. وسيسهم هذا التحول الرقمي في توفير خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة وسهولة في الوصول اليها لجميع المواطنين، مدعومةً بالاستثمار المستمر في البنية التحتية الرقمية التي ستجعل كل ذلك ممكناً بسهولة ويسر.


ما وراء الرعاية الصحية الافتراضية: القوة التحويلية للصحة الرقمية في الطب الحديث المصدر:

زر الذهاب إلى الأعلى
إنضم لقناتنا على تيليجرام