محور التعاون يعيد الاستقرار للشرق الأوسط

وهذا كله يتناقض بشكل صارخ مع ما كان عليه الحال قبل عام، فبعد عقد ونصف من الاضطرابات والانقسام، بدأ العالم العربي يخرج موحدًا ــ مع صعود كتلة الدول العربية بقيادة الخليج.
بدلًا من «محور المقاومة» الإيراني المتراجع، والذي امتد ذات يوم من العراق إلى لبنان، ينشأ تحالف معتدل جديد في الشرق الأوسط: «محور التعاون».
الطائفية انتهت
تقول الصحيفة، إن إيران فقدت ــ إلى حد ما ــ وكلاءها في سوريا ولبنان، وحتى العراق. وتسعى سوريا للانضمام إلى محور الاعتدال العربي، وهذا يُحدث تغييرًا جيوسياسيًا في المنطقة، كما يقول عبدالخالق عبدالله، الزميل غير المقيم في مركز بيلفر بجامعة هارفارد.
وكان المحفز لهذا التغيير الإقليمي هو سقوط نظام الأسد في سوريا.
ومع إزاحة بشار الأسد وخروج إيران ووكلائها، سارعت دول الخليج بقيادة السعودية إلى التواصل مع حكام سوريا الجدد لإعادة البلاد إلى الحضن العربي. انتصار سعودي
في الأسبوع الماضي، نجحت السعودية في الضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا لمنع انهيارها الاقتصادي بشكل أكبر ــ وهو ما يمثل انتصارًا في السياسة الخارجية للرياض والكتلة المعتدلة.
وفي رد فعل انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، قام السوريون بتقليد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ــ الذي وضع يديه على صدره امتنانًا بينما أعلن ترامب رفع العقوبات ــ للتعبير عن امتنانهم للزعيم السعودي.
ويقول الدكتور هشام الغنام، الباحث غير المقيم في مركز مالكولم كير كارنيغي للشرق الأوسط، في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: «لقد مكّن سقوط الأسد السعودية من مواجهة النفوذ الإيراني والعمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا من خلال دعم حكومة جديدة منفتحة على إعادة الاندماج العربي». ويضيف: «إن الدبلوماسية السعودية تعزز هذا التحالف العربي الذي يركز على الاستقرار وإعادة الإعمار».
وفي الوقت نفسه، تركز الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني على الخدمات والتنمية في الداخل وتعزيز السلام الإقليمي.
ويأتي هذا التحول بعد أكثر من عقد من الحرب والثورات والإرهاب التي أثقلت كاهل العالم العربي بالعديد من الدول الفاشلة، حيث تدخلت قوى غير عربية مثل تركيا وروسيا وإيران.
ويعمل هذا المحور الجديد كخط دفاع أول للدول العربية المعتدلة، ويحمي الاستقرار في الداخل وينهي التدخل الأجنبي في الدول المجاورة.
رغم الانقسامات الطائفية، يبرز محور جديد للتعاون العربي في دمشق وبغداد وبيروت، كما يكتب الدكتور الغنام، رئيس برنامج الأمن القومي في جامعة نايف العربية بالرياض. تُعطي هذه الحكومات البراغماتية الأولوية للعلاقات الاقتصادية والسيادة، مُقلِّلةً الاعتماد على محور إيران، ومُقاومةً للتدخلات الإسرائيلية. يُعزز هذا المحور صمود العرب في وجه الاضطرابات الخارجية التي تُمثلها إيران وإسرائيل.

المشاريع والتقدم
هذا الأسبوع، اتفق وفد حكومي أردني ودمشق على «خارطة طريق للتعاون» في مجالات الري والصناعة والتجارة والطاقة والنقل.
ومن المتوقع أن يكتمل مشروع ربط شبكة الكهرباء بين الخليج والعراق بحلول نهاية عام 2025؛ وسيشهد المشروع قيام دول الخليج بتوفير الكهرباء للعراق لتخفيف أزمة الطاقة في البلاد.
في هذه الأثناء، تتحرك الكويت والسعودية والإمارات لرفع قيود السفر إلى لبنان، وهي خطوة أولى نحو إعادة بناء العلاقات والعودة النهائية للسياح الخليجيين، الذين كانوا في السابق محركًا رئيسيًا للاقتصاد اللبناني.
ومع ذلك، فإن الدول العربية المعتدلة واجهت صعوبة في تحقيق تقدم في القضية الفلسطينية، على الرغم من مناصرتها لغزة على الساحة العالمية.
يقول الدكتور الغنام: «لا تزال القضية الفلسطينية تُشكّل تحديًا للمملكة العربية السعودية ودول الخليج، مع تحقيق مكاسب محدودة بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة والقيود على السياسة الأمريكية». ويضيف: «الجهود الدبلوماسية السعودية مُعطّلة بسبب أفعال إسرائيل، مما يُحبط التقدم».
ويقول الدبلوماسي الخليجي، الذي لم يكشف عن اسمه، إن هناك شعورًا بالأمل في العواصم العربية بأن هذا الحصن من التعاون، الذي يعزز المسار السلمي نحو إقامة الدولة الفلسطينية، سيحقق نتائج يومًا ما في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
محور التعاون يعيد الاستقرار للشرق الأوسط المصدر: