مفاوضات أوروبية – إيرانية لاختبار فرص التسوية النووية

تستعد فرنسا وألمانيا وبريطانيا لاستئناف الحوار المباشر مع إيران، الجمعة، وذلك في محاولة لاختبار موقف طهران التفاوضي بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية، فيما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن طهران ستدافع عن حقوقها النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، خلال المحادثات المزمعة في إسطنبول.
وأضاف عراقجي في مقطع فيديو بثته وسائل إعلام رسمية، اليوم الخميس، أن إيران مستعدة دائماً للمضي قدماً في برنامجها النووي بطريقة منطقية ومقبولة لطمأنة الدول التي قد تكون لديها مخاوف، طبقاً لوكالة «رويترز».
وقال عراقجي: «خصوصاً بعد الحرب الأخيرة (مع إسرائيل)، كان يجب أن يعرفوا (الأوروبيون) أنّ مواقف إيران لا تزال ثابتة، وأننا سنواصل التخصيب (اليورانيوم)»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتعقد فرنسا وبريطانيا وألمانيا، يوم الجمعة، محادثات مباشرة مع إيران في إسطنبول، وذلك للمرة الأولى منذ الضربات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة وإسرائيل على منشآت نووية إيرانية في يونيو (حزيران).
وتأتي هذه المحادثات في إطار مساعٍ لقياس مدى استعداد طهران للدخول في تسوية من شأنها تجنب تفعيل آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات الدولية، حسب مصادر دبلوماسية.
ولا تزال الدول الأوروبية الثلاث، إلى جانب الصين وروسيا، تشكل أطراف الاتفاق النووي الموقّع عام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018. وقد نصّ الاتفاق على رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وستجري المحادثات الجمعة بين دبلوماسيين كبار من «الترويكا الأوروبية» والفريق التفاوضي الإيراني في إسطنبول. وكانت الولايات المتحدة قد أجرت 5 جولات من المحادثات مع طهران قبل تنفيذ الضربات الجوية في يونيو، التي قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنها «أزالت» برنامجاً نووياً تزعم واشنطن وتل أبيب أنه يهدف لتطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه إيران باستمرار.
في الوقت الحالي، لا تبدي إيران أي رغبة في استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، حسب دبلوماسيين أوروبيين وإيرانيين. غير أن الدول الأوروبية تؤكد أن إحياء المفاوضات أصبح ضرورياً، خصوصاً بعد توقف عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واقتراب موعد 18 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تنتهي القيود المفروضة بموجب القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي.
كما يسعى الأوروبيون للحصول على تفسير بشأن مصير نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، القريب من مستوى الاستخدام العسكري، الذي لم يُعرف مكانه منذ الهجمات الأخيرة.
وقال وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في مؤتمر صحافي في باريس يوم 18 يوليو (تموز): «نحن ملتزمون ببذل كل جهد ممكن من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي».
العقوبات… أم التمديد؟
وفقاً لقرار مجلس الأمن الذي أقر الاتفاق النووي لعام 2015، يمكن إعادة فرض العقوبات الأممية عبر آلية «سناب باك» خلال فترة لا تتجاوز 30 يوماً، وذلك قبل انتهاء الاتفاق رسمياً في أكتوبر.
الدول الأوروبية الثلاث حذرت من أنها ستلجأ إلى هذه الآلية إذا لم يُحرز أي تقدم نحو اتفاق جديد، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تفعيل جميع العقوبات السابقة، بما يشمل القطاعات النفطية والمصرفية والدفاعية.
ومع تولي روسيا، الحليفة لإيران، رئاسة مجلس الأمن في أكتوبر، تعتبر الدول الأوروبية أن نهاية أغسطس (آب) تمثّل الفرصة الأخيرة الفعلية لتفعيل آلية العقوبات قبل أن يتغير توازن القوى في المجلس.
ونقلت «رويترز» عن ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين، إلى جانب دبلوماسيين إقليمي وإيراني، فإن اجتماع إسطنبول سيركز بالدرجة الأولى على ملف «سناب باك». كما أشاروا إلى أن الأوروبيين قد يطرحون على طهران خيار تمديد المهلة لمدة تصل إلى 6 أشهر.
في المقابل، سيتعيّن على إيران تقديم التزامات واضحة، من بينها الاستعداد لمحادثات مع الولايات المتحدة، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقديم توضيحات بشأن مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.
وفي تصريحات أدلى بها من مقر الأمم المتحدة، يوم الأربعاء، قال نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، الذي سيشارك في اجتماع إسطنبول، إن طهران وافقت على استقبال فريق تقني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الأسابيع المقبلة.
وحذّر غريب آبادي من أن تفعيل آلية «سناب باك» سيقابل بردّ قوي من طهران، مذكراً بأن بلاده سبق أن هددت بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في حال فرضت هذه العقوبات.
وقال إنه على علم بالحديث حول إمكانية التمديد، لكنه أضاف: «من المبكر مناقشة ذلك. لا يزال أمامنا نحو ثلاثة أشهر حتى موعد 18 أكتوبر».
من جانب آخر، صرّح مسؤول في إدارة ترمب -طلب عدم الكشف عن اسمه- بأن الولايات المتحدة «منسّقة» مع الدول الأوروبية بشأن هذه المسألة، لكنه رفض الإفصاح عن تفاصيل إضافية.
وأفادت 4 مصادر بأن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، كان في باريس يوم الخميس، ومن المقرر أن يلتقي مسؤولين فرنسيين لمناقشة ملفات متعددة، بما فيها الملف الإيراني.
وكانت إسرائيل قد بررت هجماتها الأخيرة على إيران بأنها تهدف إلى إزالة أي احتمال لتمكين خصمها الإقليمي من تطوير أسلحة نووية.
مفاوضات أوروبية – إيرانية لاختبار فرص التسوية النووية المصدر: