مفوض حقوق الإنسان يدعو إلى خطوات حاسمة لمنع حدوث الإبادة في غزة، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين تعسفيا

جاء هذا في إحاطته التي قدمتها أمام مجلس حقوق الإنسان بشأن آخر المستجدات العالمية، في افتتاح الدورة الستين للمجلس التي بدأت اليوم الاثنين في جنيف.
وقال المسؤول الأممي: “إن القتل الجماعي الذي ترتكبه إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين في غزة، وإلحاقها معاناة لا توصف وتدميرا شاملا، وإعاقتها وصول المساعدات الكافية لإنقاذ الأرواح، وما يترتب على ذلك من تجويع المدنيين؛ وقتلها للصحفيين وموظفي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية، وارتكابها جريمة حرب تلو الأخرى، كلها أمور تصدم ضمير العالم”.
وأضاف أن “المنطقة تصرخ من أجل السلام. وغزة أصبحت مقبرة”، وقال إن إسرائيل لا تزال تعاني من صدمة عميقة بعد الهجمات المروعة التي شنتها حماس وجماعات مسلحة أخرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، واستمرار احتجاز الرهائن.
وأضاف: “إن مزيدا من العسكرة والاحتلال والضم والقمع لن يؤدي سوى إلى تغذية مزيد من العنف والانتقام والإرهاب”.
وشدد على ضرورة التحرك الآن لإنهاء العنف الدموي، متسائلا: “أين الخطوات الحاسمة لمنع الإبادة الجماعية؟ ولماذا لا تبذل الدول مزيدا من الجهود لتجنب الجرائم الفظيعة؟”
ودعا الدول إلى وقف تدفق الأسلحة – التي تُنذر بانتهاك قوانين الحرب – إلى إسرائيل، وممارسة أقصى قدر من الضغط لوقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن وأولئك المعتقلين تعسفيا، بالإضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية كافية إلى غزة – بكل الوسائل المتاحة لهم، واتخاذ إجراءات حاسمة لمعارضة مخطط إسرائيل للسيطرة العسكرية على غزة وضمها المتسارع للضفة الغربية المحتلة.

مخيم للنازحين في حي الرمال بمدينة غزة.
السودان
وعن الوضع في السودان، قال مفوض حقوق الإنسان إن كلا من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية تواصل تجاهلها التام للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
وأشار إلى مقتل آلاف المدنيين هذا العام، وتصاعد الأعمال العدائية في دارفور وكردفان، واستهداف كلا الجانبين للمرافق الصحية والأسواق ومحطات المياه، قائلا: “إن حجم معاناة الشعب السوداني في جميع أنحاء هذا البلد الشاسع لا يُوصف، ويتطلب اهتماما عالميا كاملا”.
وشدد على أن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع مزيد من الجرائم الفظيعة، داعيا جميع الدول إلى احترام حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن؛ والضغط على أطراف النزاع لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بالكامل، واستئناف الحوار بشكل عاجل بشأن وقف إطلاق النار وإنهاء النزاع والعودة إلى الحكم المدني.

عائلة نازحة فرت من القتال في مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور بالسوادن إلى مدينة طويلة.
سوريا
وعن الوضع في سوريا، قال تورك إن “التحول في البلاد لا يزال هشا”، معربا عن القلق البالغ إزاء تصاعد العنف مؤخرا في السويداء، وتقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والانقسامات الطائفية المستمرة.
وحث الحكومة على إعطاء الأولوية لحماية جميع الطوائف، ومواصلة جهودها للسعي إلى المساءلة عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان السابقة والحالية.
الحرب في أوكرانيا
وتحدث تورك عن حرب روسيا في أوكرانيا التي قال إنها أصبحت “أكثر فتكا”، مشيرا إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت بعضا من أضخم الغارات الجوية منذ بدء الحرب، مع استئناف وتكثيف هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ في جميع أنحاء البلاد.
وشدد على ضرورة أن تركز المفاوضات الرامية إلى وقف القتال على خطوات فورية لحماية المدنيين وصون حقوق السكان في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى إنهاء التعذيب وسوء المعاملة.
وأضاف: “لا يمكن تحقيق السلام الدائم إلا بالاحترام الكامل للقانون الدولي”.

أفراد الإطفاء يعملون بين أنقاض مبنى سكني في العاصمة الأوكرانية كييف دمره هجوم صاروخي في 28 أغسطس.
التراجع عن الأطر والاتفاقات الدولية
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان من أن اتجاهات مقلقة تقوض حقوق الإنسان، تكتسب زخما في جميع أنحاء العالم، منبها إلى أن تمجيد العنف يقترن بتآكل مقلق للقانون الدولي.
وقال تورك: “حان الوقت للدول أن تستيقظ، وأن تتحرك. في جميع أنحاء العالم، تمزق قواعد الحرب الراسخة – دون أي مُساءلة تقريبا”.
وقال تورك: “الدعاية المؤيدة للحرب منتشرة في كل مكان، من العروض العسكرية إلى الخطابات المُتصاعدة. للأسف، لا توجد مسيرات سلام، ولا وزارات سلام”.
وقال فولكر تورك كذلك إن تراجع بعض الدول عن الأطر والمؤسسات والاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف يعد اتجاها مقلقا آخر.
وأُعرب عن القلق البالغ إزاء مذكرات التوقيف التي أصدرها الاتحاد الروسي والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قضاة ومسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية.
وقال أيضا إن الاحتجاز غير القانوني لموظفي الأمم المتحدة في اليمن يمثل هجوما مباشرا على منظومة الأمم المتحدة، مضيفا: “يجب إطلاق سراحهم فورا ودون قيد أو شرط”.
وحذر تورك من أن “بعض الدول أصبحت امتدادا للسلطة الشخصية لحاكمها”، مضيفا أن الأطر العالمية والإقليمية بعيدة كل البعد عن الكمال، لكن الدول بحاجة إلى تعزيزها وإصلاحها، لا إلى تفكيكها.
وقال المسؤول الأممي: “لا يمكننا العودة إلى طريقة التفكير والنهج البالية التي أدت إلى حربين عالميتين ومحرقة اليهود”.
تطبيق انتقائي لقانون حقوق الإنسان
ونبه تورك كذلك إلى أن بعض الدول تتجاهل قانون حقوق الإنسان تماما، “أو تنتقي وتختار، كما لو كانت حقوقنا قائمة طعام انتقائية”.
واستشهد ببعض الأمثلة في جميع أنحاء العالم بما فيها إيران حيث أفادت تقارير بأن السلطات اعتقلت مئات الأشخاص، بمن فيهم الأقليات، بتهم غامضة بالتعاون أو التجسس.
وأضاف أنه في جميع أنحاء العالم، من الصين إلى تركيا وفنزويلا، يتم تقييد الحيز المدني، وإسكات المعارضة، وقمع الاحتجاجات السلمية.
وتحدث كذلك عن تزايد الهجمات على الأقليات بمختلف أنواعها، مع تراجع الدول عن التزاماتها بمعالجة التمييز ومنعه.
وقال تورك: “لا يزال الاستخدام المفرط للقوة ووفيات المنحدرين من أصل أفريقي على أيدي سلطات تنفيذ القانون مستمرا في العديد من الدول، وغالبا ما يكون ذلك متجذرا في العنصرية الممنهجة”.
وحذر كذلك من أن “العديد من الدول حول العالم تخفض برامج حيوية تحمي حقوق المرأة”، بما في ذلك دعم الناجيات من العنف والوصول إلى الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.
تصاعد خطاب الكراهية
وتحدث عن خطاب الكراهية الذي يعد مؤشرا على تصاعد التوترات التي قد تؤدي إلى العنف.
وقال إننا نشهد في جميع أنحاء العالم، تناميا في معاداة السامية، وكراهية الإسلام، وكراهية المثلية الجنسية، والعنصرية، وحملات تضليل إعلامي واسعة النطاق.
وحذر من أن “الأكاذيب والعدمية التي تشرذم المجتمعات عبر الإنترنت تترجَم إلى هجمات حقيقية على أناس حقيقيين”.
وأوضح أن حرية التعبير أمر أساسي، “لكنها لا تحمي أولئك الذين يستخدمون التعبير لإثارة العنف والكراهية”.
وأشار إلى تزايد عدد القادة الذين يستغلون الآن حرية التعبير لتغطية خطابهم الخاص بينما يُسكتون أولئك الذين يعارضونهم، داعيا إلى “التنديد بهذا الأمر، في كل مرة”.
مبادرة جديدة
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى حركة عابرة للحدود للدفاع عن النظام الدولي.
وأضاف: “آمل أن أعمل معكم على مبادرة جديدة، من خلال تحالف بين الدول الأعضاء والمؤسسات الخيرية والمجتمع المدني وجهات أخرى، لتعزيز منظومة حقوق الإنسان، والربط بين الانتهاكات والتجاوزات ومنع الأزمات”.
وأكد أن هذا سيساهم في تحقيق هدف مبادرة الأمين العام “الأمم المتحدة 80″، وهو تحسين التنسيق وتقديم خدمات أفضل.
وأوضح أنهم سيعملون على عقد هذا التحالف على عدة جبهات بما فيها تعزيز التفاعل مع جميع الحكومات، حتى في مواجهة الخلافات الحادة، وتشجيع التبادلات الصريحة، والحفاظ على الحوار مفتوحا، وتعزيز قيمة حقوق الإنسان لكل مواطن، ولكل حكومة، من خلال خطابات إيجابية وتواصل إبداعي.
وقال تورك إنهم أيضا سيسخرون الابتكار من أجل حقوق الإنسان، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وسيطورون الدعم لاقتصاد حقوق الإنسان، مضيفا: “بدعمكم، سنعزز التمويل المستدام لجهود حقوق الإنسان من خلال تحديد سبل ونماذج جديدة”.
مفوض حقوق الإنسان يدعو إلى خطوات حاسمة لمنع حدوث الإبادة في غزة، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين تعسفيا المصدر: