من “الموحد” إلى خادم الحرمين.. “العرضة” رمز ثقافي يثير الهمة في السلم والحرب

وحضرت العرضة السعودية في ملحمة توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -، فقد كان حريصًا على أدائها قبيل انطلاق عمليات التوحيد، لتصبح بعد ذلك رمزًا ثقافيًا عريقًا يُفتخر به، ويحرص على تأديتها ملوك المملكة – رحمهم الله – وُيستقبل بها كبار ضيوف الدولة من رؤساء دول وغيرهم.
اهتمام خادم الحرمين

أول نذر الحرب
وتُعد العرضة مظهرًا من مظاهر الحماس الحربي، وشحذًا لعزائم المحاربين، وتعبيرًا عن القوة المعنوية في أوقات السلم، ومناسبات الفرحة، وهي ذات مدلولين، مدلول حربي متوثب، ومدلول سلمي ترفيهي مبطن بروح الحماس والقوة المعنوية.
كما أنها رقصة حماسية تعبر عن روح البطولة والحماسة والرجولة، وكانت هي أول نذر الحرب والتجمع له، إذ كانت تؤدى قبل الحرب لتهيئة المقاتلين لجو المعركة، لذا فهي تذكر بأيام الحرب.

رقصة مُهيبة تثير العزائم
وتناول الأديب عباس محمود العقاد -رحمه الله- العرضة السعودية في كتابه “مع عاهل الجزيرة العربية” وقال إنها: رقصة مُهيبة ومتزنة تثير العزائم، وأداء يُحيي في النفوس مشاعر الشجاعة، لا سيما شجاعة الفرسان.
وبقي أسلوب أداء العرضة كما هو عليه إلى وقتنا الحاضر، منقسمة في أدائها إلى مجموعتين، الأولى مجموعة منشدي قصائد الحرب، والثانية مجموعة حملة الطبول.
ويتوسط حامل العلم صفوف المجموعتين ليبدأ منشدو القصائد في أداء الأبيات وترديدها، ثم يليها الأداء مع قرع الطبول لترتفع السيوف.
استنهاض همم الرجال

وصف فني
وأشارت إلى أن للعرضة شعراء بارزين من أشهرهم: فهد بن دحيم، وعبدالرحمن بن صفيان، ومحمد العوني.
ويستخدم الشعراء في قصائدهم الشعر الشعبي، وقديمًا كانت القصيدة تُلقى عن طريق مؤلفها، ويقول الشاعر البيت بشطريه “الصدر والعجز”، ثم يردده المنشدون من خلفه على أن يبدأ بالصدر ثم المنشدون، فالعجز ثم المنشدون مرة أخرى.

أشهر قصائد العرضة
ثم ارتبطت بجميع ما ينضوي تحت لواء الدولة السعودية بحسب ما أوضح أمين عام دارة الملك عبدالعزيز المكلف د. فهد بن عبدالله السماري، الذي أفاد بأن دلالة مفردة “العوجا”، ارتبطت بنخوة آل سعود “حنا أهل العوجا”، و”خيال العوجا وأنا ابن مقرن”، و”راعي العوجا وأنا ابن مقرن”، وكان الملك عبدالعزيز يبث بها الحماسة في جيشه لرد المعتدين.

بحور قصيدة العرضة
وتبدأ العرضة السعودية بالحوربة أو الشوباش، وهي مرحلة الإعلان عن بدء العرضة عن طريق شاعر يمتلك صوتًا جهوريًّا يردد شطرًا من الأبيات الشعرية الحماسية، ينادي فيه العارضين ليجتمعوا في صفين متقابلين.
وقد يكون الصف على شكل دائرة يمسك كل عارض منهم بيد الآخر، ويردد كل صف مجتمعين شطر البيت أو البيت كاملًا، بحسب بحبر لقصيدة الملقاة.

نظام موحد
وعندما يلقي الشاعر الشطر الثاني من القصيدة، يبدأ قرع الطبول، فيبدأ أهل الصف في التمايل يمنة ويسرة على شكل اهتزاز بثني الركبة يمينًا ثم ثنيها يسارًا.
وفي هذه الأثناء يحمل أهل الصف سيوفهم بأيديهم ليؤدوا بها عدة حركات مثل: رفعها للأعلى أو إنزالها للأسفل، ورفعها باستمرار أو وضعها على الكتف، وهو يؤدون تلك الحركات بالسيف في نسق واحد لا يمكن لأحدهم أن يخالفه، وعادة يرفعون سيوفهم للأعلى عند إلقاء شعر فيه مفاخرة بالوطن والقائد.

نوعا الطبول
في حين يؤدي قارعو الطبول الصغيرة حركات متناسقة يرفعون فيها الطبل باليد اليسرى، ثم ينزلونها إلى الأسفل وإلى الأمام مع القفز إلى أعلى قفزتين متتاليتين ثم الجلوس جلسة القرفصاء، فالوقوف، ويحركون أجسامهم يسارًا ويمينًا مع رفع القدمين وثني الركبتين.

لباس تقليدي
وللعرضة السعودية لباس تقليدي خاص يتميز بالألوان البراقة، واستخدام أساليب فنون التطريز، مثل لباس: الدقلة، والسديري، والزبون، والشلحات “الثوب الفضاض بالأكمام الواسعة”، والبشت، والصاية، والجوخة، والقرملية (لباس أهل الطبول)، وفي الغالب يضاف إليها السيف أو البندقية.
من “الموحد” إلى خادم الحرمين.. “العرضة” رمز ثقافي يثير الهمة في السلم والحرب المصدر: