التخرج من فئة أقل البلدان نموا يجب أن يكون نقطة انطلاق لا حجر عثرة

يُعد التخرج من فئة أقل البلدان نموا إنجازا وطنيا بارزا – وهو اعتراف بالمكاسب التي تحققت بشق الأنفس في الدخل والتنمية البشرية والمرونة. لكن، بالنسبة لعدد كبير من هذه الدول، تأتي هذه اللحظة مصحوبة بنقاط ضعف مستجدة تُهدد بتقويض ذات الإنجازات التي سمحت لها بالتخرج.
منذ تأسيس فئة أقل البلدان نموا عام 1971، لم تتخرج منها سوى ثماني دول فقط. اليوم، لا تزال 44 دولة في هذه القائمة، تشكل 14% من تعداد السكان العالمي، لكن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي تقل عن 1.3%. يحدد برنامج عمل الدوحة هدفا طموحا وقابلا للإنجاز: تمكين 15 دولة إضافية على الأقل من التخرج بحلول عام 2031. ولكن كما يؤكد البرنامج، يجب أن يكون هذا التخرج مستداما ومرنا ولا رجعة فيه. يجب أن يكون بمثابة نقطة تحول نحو التغيير – وليس مرحلة تعرض لمخاطر جديدة.
التخرج بزخم
يتزامن التخرج عادةً مع تغيير جوهري في طبيعة الدعم الدولي المُقدَّم. فمع التناقص التدريجي للامتيازات التجارية، والتمويل الميسر، والمساعدة التقنية المحددة، قد تجد الدول نفسها أمام ضغوط مالية أشد، وقدرة تنافسية أقل، وتعرض أكبر للصدمات الخارجية. إذا لم يرافَق ذلك بتخطيط انتقالي مُنظَّم ومستقبلي، فإن هذه التحولات قد تعرقل التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة وتُلقي بعبء ثقيل على الأنظمة الوطنية.
ومع ذلك، تكمن الفرص أيضا في صميم هذه التحديات. فمن خلال السياسات، والشراكات، والحوافز الصحيحة، يمكن للتخرج أن يحفز تحولا هيكليا أعمق، ويوسع الوصول إلى نوافذ تمويل جديدة، ويعزز المؤسسات، ويفتح مسارات نحو نمو متنوع ومرن وشامل. إن مهمتنا هي إدارة المخاطر مع تسخير هذه الفرص – لضمان عدم تخرج أي بلد دون قوة دفع وزخم.
استراتيجيات الانتقال السلس: ضرورة وطنية
يدعو برنامج عمل الدوحة كل دولة في طور التخرج إلى وضع استراتيجيات انتقال سلس شاملة ومملوكة وطنيا قبل موعد التخرج بوقت كافٍ. يجب دمج هذه الاستراتيجيات بشكل كامل في خطط التنمية الوطنية وأطر أهداف التنمية المستدامة، مما يضمن اتساقها ومرونتها. وينبغي أن تُعطي هذه الاستراتيجيات الأولوية للتنويع، والاستثمار في رأس المال البشري، والحوكمة التكيفية، مع وضع المرأة والشباب والجهات الفاعلة المحلية في صميم التصميم والإشراف. يجب أن تكون استراتيجيات الانتقال السلس وثائق حية – مرنة وتشاركية، ومدعومة برصد وتمويل قويين.
إعادة تنشيط الشراكات العالمية
لا يمكن لأي دولة أن تخوض هذا التحول بمفردها. يدعو برنامج عمل الدوحة إلى هيكل دعم دولي قائم على الحوافز يمتد إلى ما بعد التخرج. بالنسبة لأقل البلدان نموا ذات الاستخدام العالي للأفضليات التجارية، يجب أن يكون سحب الوصول التفضيلي إلى الأسواق متدرجا بعناية لتجنب الاضطرابات المفاجئة. بالنسبة للدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان النامية غير الساحلية المعرضة لتغير المناخ، يُعدّ تعزيز الوصول إلى تمويل المناخ، وحلول الديون، ودعم القدرة على الصمود، عناصر أساسية في جهودها الرامية إلى مواجهة تحديات ما بعد الخروج من قائمة البلدان الأقل نموا.
سيكون تعميق التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، وأدوات التمويل المبتكرة، والتمويل المختلط، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، أمرا أساسيا لبناء القدرات الإنتاجية وإتاحة الفرص في التحول الرقمي، والاقتصادات الخضراء والزرقاء، وتكامل الأسواق الإقليمية.
أداة تحويلية
يُعدّ تفعيل مرفق دعم الخروج المستدام – المعروف اختصارا باسم iGRAD – خطوة ملموسة إلى الأمام. فمن خلال توفير خدمات استشارية مُصممة خصيصا، وبناء القدرات، والتعلم من الأقران، يُمكن أن يكون هذا المرفق أداة أساسية لمساعدة البلدان على توقع المخاطر، وإدارة التحولات، والحفاظ على زخم التنمية. ومع ذلك، فإن نجاحه يتوقف على الدعم السياسي القوي والموارد الكافية والمتوقعة من شركاء التنمية.
التخرج بوصفه محفزا للتحول
لا ينبغي أن يكون التخرج نهاية المطاف، بل ينبغي أن يكون بداية فصل جديد من المرونة والفرص. من خلال استراتيجيات وطنية متكاملة وشراكات عالمية مُجدَّدة، يُمكننا تحويل التخرُّج إلى حافز للتنمية الشاملة والمستدامة. فلنغتنم هذه الفرصة في الدوحة لتأكيد التزامنا الجماعي: لا ينبغي لأي بلد أن يتخرَّج ليصبح ضعيفا. معا، يُمكننا ضمان أن يُحقِّق التخرُّج وعده – للمجتمعات، والاقتصادات، والأجيال القادمة.
ما هي الدولة الأقل نموا؟
البلدان الأقل نموا، المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، هي التي تظهر أدنى مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر مجموعة من المؤشرات. يبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في هذه البلدان أقل من 1018 دولارا؛ مقارنة بحوالي 71 ألف دولار في الولايات المتحدة وفقا لبيانات البنك الدولي.
هذه الدول تسجل درجات متدنية في مؤشرات التغذية، الصحة، الالتحاق بالمدارس، ومهارات القراءة والكتابة. وفي نفس الوقت تسجل درجات عالية في مؤشرات الضعف الاقتصادي والبيئي الذي يقيس عوامل مثل البعد الجغرافي، بالإضافة إلى الاعتماد على الزراعة ومخاطر التعرض للكوارث الطبيعية.
تقع غالبية البلدان الأقل نموا في أفريقيا. وتضم 6 دول عربية. تتم مراجعة القائمة كل ثلاث سنوات من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. وقد تخرجت 8 بلدان من فئة أقل البلدان نموا بين عامي 1994 و2020.
التخرج من فئة أقل البلدان نموا يجب أن يكون نقطة انطلاق لا حجر عثرة المصدر:










