40 دولة أمام العدل الدولية لمساءلة إسرائيل عن تعطيل المساعدات

خلفية القضية
في عام 2023، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار رأي قانوني حول مدى التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد قرارها تعطيل أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، المانحة الرئيسية للمساعدات في غزة، بينما الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لإسرائيل، صوّتت ضد هذا الطلب.
وأخيرًا، أعادت إسرائيل قطع جميع أشكال المساعدات عن غزة بحجة أن حركة حماس تستولي عليها لأغراضها العسكرية، على الرغم من أن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أوضاعًا إنسانية متدهورة في القطاع.
لذا تطلب الجمعية العامة من المحكمة، ومقرها لاهاي، إصدار رأي استشاري، وهو رأي غير ملزم لكنه ذو ثقل قانوني دولي، ومن المتوقع أن يستغرق صدوره أشهر عدة.
محكمة العدل الدولية
تأسست محكمة العدل الدولية عقب الحرب العالمية الثانية كجهاز قضائي رئيسي تابع للأمم المتحدة، ومعني بالفصل في النزاعات بين الدول. وتتكون المحكمة من 15 قاضيًا، ويمكن لبعض الهيئات الأممية طلب آراء استشارية منها.
وعلى الرغم من أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193، أعضاء في المحكمة، فإن الاعتراف باختصاصها القضائي يظل اختياريًا.
وسبق أن أصدرت المحكمة، العام الماضي، إدانة واسعة للسيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرة أنها غير قانونية، ومنتهكة للقوانين الدولية التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، بالإضافة إلى تقويضها حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وقبل نحو عقدين، أفتت المحكمة أيضًا بأن بناء إسرائيل جدار الفصل مع الضفة الغربية يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، رافضة المزاعم الإسرائيلية بأن الغرض منه كان أمنيًا.
قضية الإبادة الجماعية
بالتزامن مع هذا الملف، تواجه إسرائيل دعوى أخرى أمام المحكمة، رفعتها جنوب إفريقيا، تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 إثر هجوم شنّه مسلحون بقيادة حماس على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين.
وردًا على الهجوم، شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة تسببت، بحسب وزارة الصحة بغزة، في مقتل أكثر من 51 ألف فلسطيني، وتدمير جزء كبير من القطاع، مع بقاء معظم السكان دون مأوى.
وعلى الرغم من رفض إسرائيل هذه الاتهامات، واعتبارها أن جنوب إفريقيا توفر غطاء سياسيًا لحماس، أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية عبر إجراءات لا تزال مستمرة، ومن المتوقع أن تستغرق سنوات.

الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية
بينما تختص محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول، تركز المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست عام 2002، على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم خطيرة كجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.
وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت المحكمة الجنائية، في نوفمبر الماضي، مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، إلى جانب قائد عسكري في حركة حماس، متهمة إياهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة.
واتهمت المذكرات نتنياهو وجالانت باستخدام التجويع «سلاح حرب»، واستهداف المدنيين عمدًا. ونفى المسؤولان الإسرائيليان هذه الاتهامات، بينما أثارت أوامر اعتقالهما غضبًا واسعًا بين مؤيدي إسرائيل، ولا سيما في الولايات المتحدة.
يُذكر أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوتين في المحكمة الجنائية الدولية، بينما اعترفت المحكمة عام 2021 بولايتها القضائية على الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية.
مأساة غذائية خانقة
لأكثر من 60 يومًا، لم تدخل إلى قطاع غزة أي شحنات غذائية أو وقود أو أدوية، مما أدى إلى نقص حاد في الأسواق وتراجع قدرة منظمات الإغاثة على تلبية احتياجات السكان. وفي مخيمات النزوح، تعيش العائلات الفلسطينية وسط اختفاء شبه كامل للحوم ومنتجات الألبان والخضراوات الطازجة. لذا الأسر تكافح يوميًا لإطعام أطفالها في ظل ارتفاع الأسعار الحاد معتمدةً على مساعدات محدودة ومطابخ خيرية مهددة بالتوقف بسبب نفاد الإمدادات.
كارثة إنسانية تطول الأطفال
يحذر الأطباء والخبراء من أن سوء التغذية المتفاقم بين الأطفال سيترك آثارًا دائمة على نموهم وصحتهم. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، ارتفعت معدلات سوء التغذية الحاد 80% خلال شهر واحد، مع اختفاء الأطعمة الغنية بالبروتين والعناصر الأساسية. كما أن مستشفيات غزة تكافح دون حليب للأطفال أو مكملات غذائية، مما يضع أجيالًا كاملة أمام مستقبل صحي مظلم وسط تفاقم الحصار واستمرار العمليات العسكرية.
الأسواق خاوية والمزارع مدمرة
في أسواق خان يونس، باتت الأكشاك شبه خالية والبضائع المتوافرة بأسعار خيالية تفوق قدرة السكان. ومع تدمير الدفيئات الزراعية والأراضي الزراعية بفعل العمليات الإسرائيلية، باتت غزة تعتمد على كميات ضئيلة من الإنتاج المحلي، المهدد هو الآخر بالانهيار بسبب نقص المياه والموارد. الأمل يتلاشى يومًا بعد يوم مع استمرار الحصار وانهيار شبكات الإمداد، مما ينذر بمجاعة حقيقية إذا استمر الوضع دون تدخل عاجل.

الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو وجالانت:
استخدام التجويع سلاح حرب: قيّدت إسرائيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة عمدًا.
استهداف المدنيين بشكل متعمد: شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة أضرت بالمدنيين بشكل مباشر.
جرائم ضد الإنسانية: شملت الأفعال المزعومة القتل، والإبادة، والمعاملة غير الإنسانية.
مذكرات توقيف دولية: المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت.
ردود الفعل: إسرائيل ومسؤولوها ينفون الاتهامات بشدة، وسط دعم أمريكي معلن لتل أبيب.
40 دولة أمام العدل الدولية لمساءلة إسرائيل عن تعطيل المساعدات المصدر: