اخر الاخبار

كيف تدير إيران توازنها الدقيق بين المواجهة والتفاوض؟

في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات الإقليمية وتتكثف الهجمات في الشرق الأوسط، تواصل إيران إرسال إشارات مزدوجة تجمع بين التصعيد الميداني والمرونة الدبلوماسية، في مشهد يعكس سعيها لإعادة التموضع إقليميًا دون التخلي عن هدفها الاستراتيجي: التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة.

تصعيد محسوب

وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا من طهران على المستويين العسكري والإعلامي. فقد رحبت إيران علنًا بهجوم صاروخي على مطار بن غوريون، نُفّذ من ميليشيا الحوثي، وسط احتفاء رسمي وإعلامي واسع. كما بثّ التلفزيون الرسمي الإيراني لقطات لتجربة صاروخ باليستي، في وقت كان وزير الدفاع الإيراني يوجّه انتقادات حادة لنظيره الأمريكي عقب تهديدات واشنطن ضد طهران.

والملفت أن هذا التصعيد لم يُقابل برد مباشر على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية، وهو ما يُشير إلى أن إيران تُفضل استخدام أدوات غير مباشرة لتوجيه رسائلها، دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة قد تُربك مسار التفاوض النووي.

النووي: أولوية إستراتيجية

ورغم اللغة النارية والمواقف الصلبة، لا تزال إيران تُظهر رغبة واضحة في إحياء الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق ترمب عام 2018. فطهران ترى في الاتفاق وسيلة لفك عزلتها الاقتصادية وتخفيف العقوبات التي تنهك اقتصادها، بدليل ارتفاع سعر صرف الريال الإيراني بمجرد الحديث عن استئناف المحادثات.

اقراء ايضا  1835 شهادة امتثال في الخبر

لكن العقبات لا تزال قائمة. فإدارة ترمب السابقة وضعت سقفًا تفاوضيًا مرتفعًا يشمل وقف كامل لتخصيب اليورانيوم، وهو ما تعده طهران غير قابل للنقاش. ويبدو أن الجمود في محادثات روما، التي أُرجئت فجأة، يكرّس الفجوة العميقة بين الطرفين.

بيئة أكثر تعقيدًا

وتأتي هذه التحركات الإيرانية في سياق متغير إقليمي معقد. فالحملة الجوية الأمريكية في اليمن تُضيق الخناق على طهران من جهة أخرى.

كل ذلك يدفع إيران إلى الاعتماد أكثر على أدوات رمزية واستعراضية، مثل الجدارية التي نُشرت مؤخرًا وتُظهر أهدافًا صاروخية فوق خريطة إسرائيل، كجزء من معركة «الصورة والرسائل»، دون انزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

أوروبا بين الحذر والغضب

والزيارات الدبلوماسية الإيرانية الأخيرة، لا سيما إلى باكستان وأوروبا، تشير إلى أن طهران لا تزال تسعى لحشد الدعم الدبلوماسي لموقفها النووي، رغم تأزّم علاقاتها مع العواصم الأوروبية بسبب دعمها العسكري لروسيا. وتصريحات مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، التي ربطت مستقبل العلاقة مع إيران بملف حقوق الإنسان والمعتقلين ودعم موسكو، تعكس حجم الضغوط الغربية المتراكمة.

حافة الانفجار

ويرى التحليل أن إيران تسير على حبل مشدود بين التصعيد الإقليمي والتفاوض النووي، وتُدير استراتيجية مزدوجة تُمكّنها من ممارسة الضغط دون التورط في مواجهة مباشرة. لكنها في الوقت ذاته تُراهن على أن تعقيدات الساحة الدولية ستدفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر مرونة.

1. إشارات مزدوجة من طهران:

إيران تجمع بين التصعيد العسكري والدعوات لاستئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة.

2. التصعيد كأداة ضغط:

طهران تحتفي بهجمات حلفائها وتبث تجارب صاروخية، لكنها تتجنب الرد المباشر على الغارات الإسرائيلية، في محاولة لعدم إفشال المسار الدبلوماسي.

3. النووي أولوية استراتيجية:

رغم التصعيد، تسعى إيران لإحياء الاتفاق النووي لرفع العقوبات الاقتصادية، مستندة إلى تحسن مؤشرات اقتصادية كلما تم الحديث عن المفاوضات.

اقراء ايضا  تنفيذاً لأوامر محكمة الجنايات الدولية.. الفلبين تعتقل رئيسها السابق

4. تغيرات إقليمية ضاغطة:

الحرب في غزة والتصعيد الأمريكي في اليمن قلصا من نفوذ إيران الإقليمي، ما يفرض عليها مراجعة تكتيكاتها.

5. فتور أوروبي وتوتر مع الغرب:

الدعم الإيراني لروسيا في حرب أوكرانيا وملفات حقوق الإنسان يُعقّدان علاقاتها مع أوروبا، ويؤثران على احتمالات إحياء الاتفاق النووي.

6. رهان على الوقت والتوازن:

إيران تراهن على كسب الوقت وتوظيف التصعيد المدروس كورقة تفاوض، مع تجنب الانزلاق إلى حرب مباشرة.


كيف تدير إيران توازنها الدقيق بين المواجهة والتفاوض؟ المصدر:

زر الذهاب إلى الأعلى
إنضم لقناتنا على تيليجرام