مراحل دورة المياه في الطبيعة وتأثير تغير المناخ عليها

تُعتبر دورة المياه في الطبيعة، التي يُطلَق عليها أيضًا اسم «الدورة الهيدرولوجية»، واحدةً من أهم العمليات الحيوية التي تدعم استمرارية الحياة على كوكب الأرض، تدور هذه الدورة حول الحركة المستمرة للماء بين المحيطات والغلاف الجوي واليابسة والمياه الجوفية، وتُساهم بشكل مباشر في تنظيم المناخ وتوفير المياه العذبة ودعم النظم البيئية.
حالات المياه في الطبيعة
جدول المحتويات
يوجد الماء في الطبيعة بثلاث حالات رئيسية تختلف باختلاف درجة الحرارة والظروف المناخية:
- الحالة السائلة: تتمثل في الأنهار والبحيرات والمحيطات، وهي الشكل الأكثر شيوعًا للماء على سطح الأرض.
- الحالة الصلبة: تظهر على هيئة جليد وثلوج، وخاصة في المناطق القطبية والقمم الجبلية.
- الحالة الغازية: تتواجد على شكل بخار الماء في الغلاف الجوي، والذي يتكون نتيجةً لعمليتي التبخّر والنتح.
وتنتقل المياه بين هذه الحالات عبر سلسلةٍ من العمليات الطبيعية التي تُعرَف باسم دورة المياه، والتي تشمل التبخّر والتكاثف والهطول والجريان السطحي.
ما هي مراحل دورة المياه في الطبيعة
عملية التبخّر (Evaporation)
تبدأ دورة المياه بعملية التبخّر، حيث تُسخِّن الشمس المياه الموجودة في البحار والمحيطات والأنهار، فتتحول من الحالة السائلة إلى بخار ماء يرتفع إلى طبقات الجو العليا، وتُعتبر المحيطات المصدرَ الرئيسي لبخار الماء؛ إذ يُنتَج أكثر من 90٪ من بخار الماء المتصاعد إلى الغلاف الجوي، أما النسبة المتبقية فتأتي من النباتات عبر عملية النتح.
عملية النتح (Transpiration)
النتح هو عملية طبيعية تمتصّ فيها النباتات الماء من التربة عبر جذورها، ثم تُطلِقه على شكل بخار ماء من خلال أوراقها، تساهم هذه العملية في زيادة نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي، وتُعدّ جزءًا لا يتجزأ من دورة المياه.
عملية التكاثف (Condensation)
عندما يرتفع بخار الماء إلى طبقات الجو الباردة، يبرد ويتحول إلى قطراتٍ مائيةٍ صغيرةٍ تتجمع مكونةً السحب، تُعرف هذه العملية باسم التكاثف، وتحدث عند انخفاض درجة حرارة الهواء إلى نقطة الندى، حيث يتجمع بخار الماء حول جسيماتٍ دقيقةٍ في الجو.
عملية الهطول (Precipitation)
تنشأ عملية الهطول عندما يتكاثف بخار الماء داخل السحب بشكلٍ كبيرٍ، فتثقل قطرات الماء وتسقط إلى سطح الأرض بفعل الجاذبية، وقد تسقط هذه القطرات على شكل مطر أو ثلج أو برد أو مطر ثلجي، حسب الظروف المناخية ودرجة الحرارة.
عملية الجريان السطحي والتسرب (Runoff and Infiltration)
بعد الهطول، يتدفّق الماء على سطح الأرض فيحدث الجريان السطحي الذي يُغذي الأنهار والجداول والبحيرات، وفي الوقت نفسه يتسرّب جزءٌ من هذا الماء إلى باطن الأرض، فيتكوّن الماء الجوفي الذي يُعدّ مصدرًا حيويًا للمياه العذبة المستخدمة في الشرب والزراعة والصناعة.
أهميةُ دورة المياه في الطبيعة
- تنظيم الطقس والمناخ
- تتعرّض مياهُ البحار والمحيطات لأشعّة الشمس فتزدادُ نسبةُ التبخّر وترتفع درجاتُ الحرارة، لا سيّما في المناطق الاستوائية القريبة من خطّ الاستواء.
- يُسهم هذا التبخّر في تشكيل السُّحب والعواصف، ويُؤثّر في توزيع الطاقة الحرارية حول العالم عبر التيّارات البحرية.
- تساعدُ عمليّاتُ التبخّر والتكاثف على تلطيف الأجواء في المناطق الباردة وخلق تنوّعٍ مناخي يجعلُ الكوكب أكثرَ ملاءمةً للعيش.
- يتّضحُ من ذلك أنَّ التوازن الحراريّ العالميَّ مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بدورة المياه.
- إمدادُ الكائنات الحية بالماء
- تُعدُّ دورةُ المياه الآليةَ الأساسيةَ التي تُمدُّ من خلالها جميعُ الكائنات الحية بما تحتاجه من ماءٍ.
- تغذي المياه المتساقطةُ الأنهارَ وتشكل البحيرات، وتتسرّبُ إلى أعماق الأرض لتكوين الماء الجوفي.
- من خلال هذه الدائرة المستمرة، يحصلُ الإنسانُ والنّباتُ والحيوانُ على حاجتهم من الماء للبقاء والنمو.
- يُعدُّ هذا النظامُ من أهمّ أسباب استمرار الحياة على كوكب الأرض.
- تفاوتُ توزيع المياه وأثرُه على المناخ والبيئة الطبيعية
- تختلف نسبُ الهطول حول العالم باختلاف الجغرافيا والمناخ المحليّ:
- الغاباتُ المطيرة (الاستوائية والمعتدلة) تستقبل كمياتٍ كبيرةً من الأمطار سنويًا.
- الصحارى تعاني من قلة الهطول، ما يؤثّر على خصوبة التربة ونوعيّة الغطاء النباتي.
- يعيدُ دورانُ الماء توزيعَ الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي، ويحدد تشكيل المناخات الإقليمية.
- يؤثّر هذا التفاوت في:
- طبيعة الحياة البرية وازدحام الأنشطة الزراعية.
- فرصِ استدامة الموارد المائية في المناطق الجافة والرطبة على حدٍّ سواء.
- دعمُ التوازن البيئيِّ والتنوّعِ البيولوجيِّ
- الماءُ عنصرٌ أساسي في جميع العمليات البيولوجية، ووسيلةٌ لنقل العناصر الغذائية والمعادن والكائنات الدقيقة داخل النظم البيئية المائية وخارجها.
- تُحفّزُ دورة المياه تنوّعًا بيولوجيًا بتوفير بيئاتٍ مختلفةٍ للنباتات والحيوانات، من الأنهار والبحيرات إلى الأراضي الرطبة والغابات المطيرة.
- أيُّ خللٍ في هذه الدورة سيؤدّي إلى اضطرابٍ في الشبكات الغذائية وقد يؤدّي إلى انقراض أنواعٍ عديدةٍ من الكائنات.
هل يؤثر تغير المناخ على دورة الماء؟
يُعتبر تغير المناخ أحد أكبر التحديات التي تواجه دورة المياه الطبيعية؛ فمع ارتفاع درجات الحرارة العالمية تتسارع مراحل الدورة، فيزداد معدل التبخّر ويحدث هطول كمياتٍ أكبر من الأمطار في بعض المناطق، وفي المقابل يزداد جفاف أخرى، وقد يتسبب هذا التغير في العديد من الظواهر المناخية القاسية، مثل:
- ارتفاع حرارة المحيطات، مما يؤدي إلى تكوين عواصفٍ وأعاصيرٍ أكثر قوةً وخطورةً.
- زيادة نسبة بخار الماء في الجو، مسببةً أمطارًا غزيرةً تؤدي إلى فيضاناتٍ مفاجئةٍ تهدد الإنسان والبيئة.
- بسبب التبخّر السريع وفقدان التربة للرطوبة، يزداد احتمال تحويل الأراضي الزراعية إلى أراضٍ جافةٍ غير صالحةٍ للزراعة.
- ارتفاع درجات الحرارة يقلل من تكوين السحب، التي تُعتبر من عوامل التبريد الطبيعي، مما يؤدي إلى موجات حرٍّ شديدةٍ حول العالم.
مراحل دورة المياه في الطبيعة وتأثير تغير المناخ عليها المصدر: