أمام مجلس الأمن، الأمم المتحدة تدعو إلى وقف “الفظائع” في غزة


وأضاف فليتشر أن إسرائيل “تفرض عمدا ودون خجل ظروفا غير إنسانية” على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وشدد على أن “كل فرد من بين 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة يواجه خطر المجاعة”.
وأضاف أن الأمم المتحدة وشركاءها يسعون جاهدين لاستئناف تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء القطاع. وقال: “لدينا آليات صارمة لضمان وصول مساعداتنا إلى المدنيين وليس إلى حماس، لكن إسرائيل تمنعنا من الوصول، وتضع هدفها المتمثل في إخلاء غزة من السكان قبل حياة المدنيين”.
وقال فليتشر إن على إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، الموافقة على تقديم المساعدة وتسهيلها، وشدد على أنه “لمن لا يزال يتظاهر بالشك، فإن آلية التوزيع التي صممتها إسرائيل ليست الحل”.
وقال إن الخطة الإسرائيلية “تجعل المساعدة مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية، وتجعل من التجويع ورقة مساومة. إنها مجرد عرض جانبي ساخر. إنها تشتيت متعمد. إنها غطاء لمزيد من العنف والنزوح”.
وقال إن الأمم المتحدة التقت مرار بالسلطات الإسرائيلية لمناقشة الآلية المقترحة، لكنها لم تجد فيها الحد الأدنى من الشروط اللازمة لمشاركتها.
وقال وكيل الأمين العام إن الأمم المتحدة أطلعت المجلس على ما شهدته من وفيات وإصابات ودمار وجوع ومرض وتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتهجير المتكرر على نطاق واسع، بالإضافة إلى العرقلة المتعمدة لعمليات الإغاثة “والتدمير المنهجي لحياة الفلسطينيين، وما يدعمها، في غزة”.
وقال إن محكمة العدل الدولية تدرس ما إذا كانت هناك إبادة جماعية تحدث في غزة، وستُقيّم الشهادة التي تقدمها الوكالات الإنسانية، “ولكن سيكون الأوان قد فات”.
وأضاف مخاطبا أعضاء المجلس: “من أجل القتلى ومن أُسكتت أصواتهم: ما الذي تحتاجونه من أدلة إضافية؟ هل ستتحركون الآن – بحزم – لمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام القانون الدولي الإنساني؟ أم ستقولون بدلا من ذلك، لقد فعلنا كل ما في وسعنا”.
ودعا السلطات الإسرائيلية إلى الكف عن قتل وجرح المدنيين، ورفع هذا “الإغلاق الوحشي”، والسماح للعاملين في المجال الإنساني بإنقاذ الأرواح. كما دعا حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى إلى إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون شروط، والكف عن “تعريض المدنيين للخطر أثناء العمليات العسكرية”.
الفاو: عواقب لا رجعة فيها

وقالت أنجليكا جاكوم، مديرة مكتب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في نيويورك إن الوضع في غزة صعب للغاية، حيث يواجه ملايين الأشخاص انعداما حادا في الأمن الغذائي، “وخطر المجاعة وشيك”، مشيرة إلى ما ورد في أحدث تقرير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي أكد أن جميع سكان غزة لا يزالون معرضين لخطر المجاعة.
وقالت في إحاطتها أمام المجلس: “نشهد انهيارا منهجيا للظروف الأساسية للبقاء. لا يعاني سكان غزة من نقص الغذاء فحسب، بل يعانون أيضا من انهيار عميق في صحتهم وسبل عيشهم وبنيتهم الاجتماعية، مما يترك مجتمعات بأكملها في حالة من اليأس والدمار والموت”.
وحذرت من أن أنظمة الأغذية الزراعية في قطاع غزة انهارت، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد، كما تعرض الإنتاج المحلي للغذاء للدمار.
وأضافت أن ما يقرب من 75 في المائة من الأراضي الزراعية، التي كانت تساهم بنحو ثلث الاستهلاك اليومي، تضررت أو دمرت منذ تصاعد الأعمال العدائية.
وأوضحت أن الإنتاج الحيواني تعرض للدمار، حيث نفق ما يقرب من 95 في المائة من الماشية، وأكثر من نصف قطعان الأغنام والماعز، وارتفع سعر دقيق القمح بنسبة 3000 في المائة منذ شباط/فبراير 2025.
وقالت جاكوم إنه “بحلول الوقت الذي أُعلنت فيه المجاعة، كان الناس يموتون جوعا بالفعل، مع عواقب لا رجعة فيها ستستمر لأجيال. الفرصة سانحة لتقديم المساعدة الآن”.
المملكة المتحدة

باربرا وودورد الممثلة الدائمة للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة شددت في كلمتها على 3 نقاط:
أولا: طالبت إسرائيل برفع الإغلاق الذي تفرضه على دخول المساعدات. وقالت إن برنامج الأغذية العالمي حذر قبل أسبوع من نفاد إمداداته في غزة. وأشارت إلى تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي أفاد بأن جميع سكان غزة يتعرضون لخطر المجاعة.
ثانيا: أكدت أن المملكة المتحدة لن تؤيد أي آلية مساعدات تسعى لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية أو تعرض المدنيين الضعفاء للخطر. ودعت إسرائيل إلى الانخراط بشكل عاجل مع الأمم المتحدة لضمان استئناف توصيل المساعدات بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية.
ثالثا: جددت الإعراب عن الغضب لمقتل أفراد في جميعة الهلال الأحمر الفلسطيني وقصف مقر مكتب الأمم المتحدة لخدمة المشاريع في شهر آذار/مارس. وأعربت عن خيبة الأمل لعدم إصدار إسرائيل نتائج تحقيقها في حادثة قصف المكتب الأممي أو اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث أبدا.
وأضافت أن الإفراج عن عيدان ألكسندر – المواطن الأمريكي الإسرائيلي الذي كان محتجزا رهينة في غزة – يوفر لحظة نادرة من الأمل. وشددت على ضرورة عدم نسيان معاناة الرهائن المتبقين في غزة والأسر التي تنتظر عودتهم. وأشارت إلى المكاسب التي تم تحقيقها أثناء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أهمية الإرادة السياسية لحل الوضع الراهن.
الجزائر

نائب الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة توفيق قودري قال إن “الشيء الوحيد الذي يُسمح له بالدخول إلى غزة هو الموت. القنابل والرصاص تمر للقطاع بينما يمنع الحليب عن أفواه الرضع. يُحظَر الماء ويُمنَع الدواء. وتغلق المعابر في وجه الحياة”.
وأضاف: “إننا نشهد في بث حي وعلى مرأى من الجميع، جريمة تجويع ممنهجة يرتكبها المحتل الإسرائيلي ضد أكثر من مليوني فلسطيني. جريمة واضحة المعالم ومكتملة الأركان”.
وذكر أن العائلات تُقصَف والأطفال يُحرقون والناس لا يجوعون فقط، بل يتركون ليموتوا ببطء بينما العالم يدون المأساة ثم يطوي الصفحة.
وشدد على رفض الخطة الإسرائيلية المتعلقة بتوزيع المساعدات وقال إنها “لا ترقى إلى مستوى الاحتياجات العاجلة والأساسية لأكثر من مليوني إنسان”. وقال إنه لم يعد ممكنا “أن يقف العالم متفرجا على شعب يباد بصمت ويحاصر بالخذلان ويُجرَد من أبسط حقوقه في الحياة”.
وطالب بوقف دائم وشامل “لهذا العدوان ورفع الحصار عن غزة، وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، ووقف كل أشكال التهجير القسري”.

الولايات المتحدة
من جانبها، شددت السفيرة الأمريكية دوروثي شيا على أن أحدا “لا يريد أن يرى المدنيين الفلسطينيين في غزة يعانون من الجوع والعطش”، مضيفة أن بلادها تدعم تقديم المساعدة للمدنيين في غزة، و”الآن هناك وسيلة يمكن من خلالها تحقيق ذلك”.
وأضافت أن مؤسسة غزة الإنسانية “كيان مستقل” أُنشئ لتوفير آلية آمنة قادرة على إيصال المساعدات مباشرة إلى المحتاجين “دون أن تسرق حماس أو تنهب أو تستغل هذه المساعدات لأغراضها الخاصة”.
ودعت شيا، الأمم المتحدة إلى العمل مع المؤسسة وحثتها على مواصلة المناقشات لاستكشاف سبل المضي قدما، مضيفة أن “أي شخص جاد في استعادة تدفق المساعدات يجب أن يدعم هذا الجهد المهم”.
وقالت إنه على مدار الحرب، “شهدنا حالات مخيبة للآمال ومقلقة للغاية لمنظمات إنسانية ودولية تعرضت للاختراق من قبل إرهابيي حماس”.
وقالت السفير الأمريكية إن حماس تظهر كل يوم عدم احترامها للفلسطينيين “الذين تدعي تمثيلهم في غزة”. وأكدت أن الصراع في القطاع “يمكن أن ينتهي غدا إذا أطلقت حماس سراح الرهائن، وألقت سلاحها، وغادرت غزة إلى الأبد”.
فلسطين

المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور قال إنه “إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة على نية تدمير الشعب الفلسطيني في غزة، فإن هذه المجاعة المصنوعة هي الدليل القاطع”.
وأشار إلى أن الخطة الإسرائيلية المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، “رفضتها” جميع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، “لأنها مجرد استمرار لتسليح المساعدات”، من خلال دفع المدنيين والعاملين في المجال الإنساني “إلى مناطق عسكرية لتلقي أو توزيع المساعدات على الرغم من المخاطر التي تهدد حياتهم”.
وشدد على أن “السبب الوحيد وراء الوضع الإنساني المروع هو استمرار إسرائيل في رفض المساعدات وعرقلتها”.
ودعا مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وجميع الدول الممثلة في الأمم المتحدة، إلى النظر على وجه السرعة في جميع الخطوات الممكنة دون استثناء لكسر “هذا الحصار اللاإنساني المفروض على أكثر من مليوني شخص، وإنهاء هذه المجاعة العنيفة القسرية”.
وقال منصور: “الوقت عدونا، خاصة وأن الجوع ينهش أطفالنا ورضّعنا وأمهاتهم. عائلات بأكملها تُركت بلا طعام ولا ماء نظيف ولا مأوى… تواجه مصيرها المحتوم بينما تستمر الإبادة الجماعية في سحق أجسادهم بطريقة أو بأخرى”.
إسرائيل

الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أكد أن حماس تسرق المساعدات الإنسانية في غزة، واستشهد بأحد الرهائن المُفرج عنهم والذي قال إنه “رأى بعينيه شحنات المساعدات الأممية في أنفاق حماس. وقد شاهد الإرهابيين يأكلون كالملوك، فيما تُرك هو مع الرهائن الآخرين ليتضوروا جوعا”.
وأكد أن إسرائيل لن تسمح باستمرار “النظام القديم المعطوب” أو تقبل بآلية إنسانية تستفيد منها المنظمات الإرهابية. وأعرب عن تقديره لجهود بناء آلية جديدة ترتكز على المساءلة وتضمن وصول المساعدة إلى المدنيين لا الإرهابيين.
وأعرب عن صدمته لانتقاد الأمين العام والأمم المتحدة للخطة، “حتى قبل اكتمال المقترح أو الإعلان عنه”.
وقال: “كل يوم نسمع اتهامات مشينة ولا أساس لها من الصحة ضد إسرائيل، بأننا نرتكب جرائم حرب ونجوع المدنيين ونعرقل المساعدات عمدا، ولكن إذا كان المسؤولون الذين يوجهون هذه الاتهامات يصدقونها حقا، لفعلوا كل ما باستطاعتهم للمساهمة في تغيير ذلك والمشاركة في حوار بناء لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين لا الإرهابيين”.
وأعرب عن تقديره للولايات المتحدة لقيادتها بشأن هذا الجهد الجديد، ورحب بالانخراط البناء من دول أعضاء أخرى ومنظمات غير حكومية “أقرت بالحاجة إلى الإصلاح”.
المجموعة العربية
تحدث المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب نيابة عن المجموعة العربية قائلا إن المجموعة تشدد على رفضها للنظام المقترح من إسرائيل بشأن المساعدات، “والذي يخالف مبادئ العمل الإنساني”.
وأضاف أن هذا النظام “يحرم الآلاف من السكان من المساعدات المنقذة للحياة، وبالأخص النساء وكبار السن والمصابين”.
وأعرب عن ترحيب المجموعة العربية بإطلاق سراح الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر بوصف ذلك خطوة مشجعة للوصول إلى وقف إطلاق نار دائم.
وأدان “القيود التعسفية” التي فرضتها إسرائيل على وكالة الأونروا “والقرارات الباطلة” لحظر عملها، مطالبا المجتمع الدولي بتعزيز الدعم السياسي والمالي للوكالة “ضمانا لاستمرارها في أداء دورها الذي لا غنى عنه”.
وأضاف أيضا أن المجموعة العربية تشدد على رفضها القاطع لمحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني والاستيلاء على أرضه وتاريخه.
وقال كذلك: “أمامنا موعد تاريخي مهم في حزيران/يونيو المقبل لإعادة إحياء حل الدولتين عبر المؤتمر الدولي رفيع المستوى المزمع عقده في نيويورك”.
ودعا المجتمع الدولي والأطراف المعنية إلى تكثيف الجهود لضمان خروج هذا المؤتمر بنتائج ملموسة يمكن البناء عليها.
أمام مجلس الأمن، الأمم المتحدة تدعو إلى وقف “الفظائع” في غزة المصدر: