ما أهم مهارات التفكير الناقد وكيف يتم تطبيقها عمليًا؟

إنَّ التفكير الناقد يعتبر مهارة مطلوب تنميتها لدى الطلاب وكذلك الموظفين في مختلف القطاعات، حيث يتمثل في القدرة على تحليل وتقويم المعلومات بشيء من الموضوعية بمنأى عن أي تحيز أو ميل لرأي بعينه دون الآخر، ولذلك يُمكن معرفة أهم مهارات التفكير الناقد وأنواعه وصولًا إلى كيفية تطبيقه في حياتنا عمليًا.
مهارات التفكير الناقد
جدول المحتويات
التفكير الناقد يساعد على تنمية الكثير من المهارات العقلية، نظرًا لارتباطه بالقدرة على الفهم الدقيق للمعلومات، للتوصل في النهاية إلى اتخاذ القرارات بصورة صحيحة، ويعني أيضًا التفكير المستقل دون التأثر باتجاه أو رأي معين، ويرتبط بالقدرة على عدم تقبل المعلومات دون نقد أو تحليل، فالنقد هو بداية المعرفة والوصول إلى الحقائق.
كما يرتبط التفكير الناقد في ذات الوقت بمهارات الحوار والتواصل مع الآخرين، ولذلك هو مهارة مطلوبة لتنمية الشخصية الفردية، على أنه يتضمن عدد من المهارات المعرفية التي تساهم معًا في تحليل وتقييم المعلومات بصورة موضوعية، وتأتي أبرز مهارات التفكير الناقد على النحو التالي:
1- مهارة التحليل والاستنتاج
تعمل تلك المهارات على تنمية القدرة على التفكير المنطقي لدى الفرد، وهو ما يساعد في الوصول إلى استنتاج صحيح من خلال تحليل المعطيات، على أن التحليل يعني القدرة على تجزئة المشكلة إلى عدة أجزاء بسيطة حتى يتم فهمها بصورة أبسط.
أما الاستنتاج فهو الوصول إلى نتيجة منطقية بعد استخلاصها بناءً على المعلومات المتاحة، فعلى سبيل المثال يُمكن تحليل مقالة معينة إلى عدة أفكار وموضوعات جزئية، للوصول إلى استنتاج مثلًا يدل على سمات شخصية الكاتب.
2- مهارة التمييز بين الحقائق واتخاذ القرار
يتم وضع معايير موضوعية ومحددة للتوصل إلى القرار المناسب، ثم البحث والتقصي عن الحقائق والمعلومات ذات الصلة قبل اتخاذ القرار، ووضع قائمة بالبدائل المتاحة ثم تقييمها والنظر في العوائد المترتبة عليها والمخاطر المرتبطة بها حتى يتم الوصول إلى أفضل قرار ممكن بناءً على البدائل التي تم تقييمها.
كما تتطلب تلك المهارة القدرة على التمييز بين الآراء والحقائق، على أن يتم تنمية تلك المهارات من خلال تحليل المواقف الحقيقية التي تتضمن قرارات غير صائبة، وطرح سيناريوهات جديدة.
3- مهارة الاستقراء والاستدلال
ضمن مهارات التفكير الناقد والمنطقي تأتي مهارات الاستقراء والاستدلال، فهي من المهارات اللازمة لتحسين مهارات التعليم والبحث العلمي، وفيما يلي توضيح لتلك المهارات:
- الاستدلال: هو عبارة عن استخلاص نتيجة جزئية من قاعدة عامة، فإن علمنا أن جميع الطيور تطير كقاعدة عامة علينا أن نستدل أن النسر أيضًا يطير، باعتباره نوع من أنواع الطيور.
- الاستقراء: عبارة عن استخلاص قاعدة عامة من عدة حالات جزئية، فإن علمنا أن هناك أنواع مختلفة من الطيور تطير مثل النسر والعصفور وغيرها، نعمل على استقراء قاعدة عامة وهي أن كافة الطيور تطير.
على أنّ تنمية مثل تلك المهارات تكون من خلال توسيع المدارك، أي يتم التدريب على أفكار جديدة ومواقف مختلفة، بالإضافة إلى حل المسائل التي تتضمن الاستدلال والاستقراء، فضلًا عن تجربة ملاحظة الأشياء وتسجيل المشاهدات للوصول إلى نظريات وقواعد كنتيجة نهائية.
4- مهارة التفكير الإبداعي والعلمي
يعتبر التفكير العلمي والإبداعي من بين أهم المهارات العقلية اللازمة لتنمية الفرد وتحسين قدرته على التفكير الناقد، وتشمل ما يلي:
- المرونة: القدرة على فهم الأمور بزوايا متعددة وتغيير وجهة النظر إن تطلب الأمر.
- الطلاقة: القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الحلول والأفكار.
- التفاصيل: إضافة تفاصيل جديدة لأي مشروع، وتطوير التفاصيل المطروحة.
- الأصالة: الابتعاد عن التفكير النمطي وتوليد أفكار جديدة.
- الربط: ربط المفاهيم والأفكار معًا.
- التحليل: تجزئة المشكلة للوصول إلى عناصرها بشكل أدق.
- الاستنتاج: الوصول إلى استنتاج منطقي بناءً على الحقائق التي تم التوصل إليها.
5- مهارة التقويم والتفسير
تعتبر مهارات تقويم المعلومات وتفسيرها من بين أهم مهارات التفكير الناقد، والتي تتضمن ما يلي:
- تقييم مصادر المعلومات ومصداقيتها للتمييز بين الموثوق وغير الموثوق منها.
- التفريق بين المعلومات الموضوعية والآراء الشخصية للوصول إلى الحقائق.
- النظر إلى تكامل الأدلة لتحديد صلاحيتها وكفايتها للاستنتاج.
- شرح وتفسير وتحليل البيانات بأسلوب منطقي للوصول إلى استنتاج صحيح.
- القدرة على تحديد وجهات النظر الأقرب إلى التحيز.
- تحديد مواطن القوة والضعف في الاستدلالات.
على أن يتم تحسين تلك المهارات وتطويرها من خلال مناقشة الأخطاء وطرح الأسئلة التحليلية وتشجيع التباين والتعدد في وجهات النظر للتوصل إلى الحقيقة.
6- مهارة وضع حلول بديلة
ترتبط تلك المهارة بعملية التفكير الإبداعي، حيث تعني القدرة على تحديد المشكلة وجعلها بمعزل عن المشكلات الأخرى وطرح أكبر عدد ممكن من الحلول المحتملة لها، ثم مقارنة تلك الحلول وتقييمها لمعرفة مدى فعالية كل منها للوصول إلى أفضل بديل ممكن وتطبيقه ومراقبة فعاليته.
على أن يتم التحلي بتلك المهارة من خلال العمل على حل المشكلات في فرق ومجموعات، بالإضافة إلى تشجيع الإبداع في وجهات النظر وتحسين مُستوى طرح الآراء غير التقليدية.
7- الفضول المعرفي
لا يُمكن لأي شخص أن يتعمق في فهم مجال ما إلا وكان لديه قدر من الفضول وحب الاستطلاع، حيث إن المفكر الناقد عليه أن يطور لديه غريزة الفضول المعرفي، حتى يكون إدراكه مليئًا بالأفكار البناءة والمعلومات المتفاوتة في مختلف المجالات.
كيفية تطبيق مهارات التفكير الناقد عمليًا
إنَّ أنواع ومهارات التفكير الناقد تعتبر من أهم الوسائل التعليمية التي يجب تعزيزها عند الطلاب والعاملين في شتى القطاعات، لأنها تساعد على التحليل المنطقي وهو أمر مطلوب لحل المشكلات واتخاذ القرارات اللازمة، على أن تنمية مثل تلك المهارات تكون من خلال بعض الأنشطة والتدريبات، وثمّة خطوات هامة لتطبيق مهارات التفكير الناقد بطريقة عملية، وتأتي على النحو التالي:
- التعريف بالمشكلة على قدر من الوضوح.
- تحديد الأسباب المحتملة للمشكلة.
- جمع المعلومات اللازمة عن المشكلة.
- تنظيم المعلومات.
- طرح الأسئلة حول المشكلة.
- تحليل جوانب المشكلة على قدر من الموضوعية.
- وضع فرضيات محتملة لحل المشكلة.
- اختبار صحة الفرضيات بناءً على الأدلة الواقعية والمنطق.
- النظر إلى المشكلة من عدة زوايا.
- التفكير في حلول المشكلة الممكنة بعمق.
- استخدام الأساليب العلمية في تحليل المشكلة والمنطق الرياضي.
- تحديد الحل المناسب والأمثل وفقًا للفرضيات والأدلة المتاحة والبيانات المختبرة عمليًا.
- مراجعة النتائج للتحقق منها.
- تقييم فعالية الحل الذي تم اختياره، ومعرفة مدى إمكانية تحسينه.
- تعميم الحلول المناسبة للمشكلات المشابهة للمشكلة ذات الصلة.
مراحل التفكير الناقد
النقد عادة ما يكون بطريقة منهجية، وهو ما يحتاج إلى اتباع بعض الخطوات والمراحل، حتى نبتعد عن العشوائية، وتأتي مراحل التفكير الناقد تباعًا على النحو التالي:
- جمع المعلومات.
- التحليل.
- التقييم.
- التطوير المستمر.
معايير التفكير الناقد
تعتبر المعايير التي يستند إليها التفكير الناقد هي حجر الأساس في تقييم جودة التحليل والأفكار، وهو ما يجعل التفكير الناقد يتم بطريقة منطقية أقرب إلى الموضوعية، وتأتي على النحو التالي:
- الوضوح.
- الدقة.
- الإنصاف.
- الإحاطة والشمولية.
- الصِحة.
- الصلة.
- الاتساق.
- المنطقية.
معوقات التفكير الناقد
التفكير الناقد ليس أمرًا سهلًا كما يعتقد البعض، إنما توجد بعض التحديات التي تواجه كل من يحاول التفكير بطريقة ناقدة، وتأتي على النحو التالي:
- الأنانية: تمنع القدرة على الانفتاح مع الآخرين وتقبل آرائهم.
- التفكير الجمعي: يجعل الشخص غير حر أو موضوعي في فكره، بل يجعله متحيزًا لتبني أفكار جماعة معينة رغمًا عنه.
- التأثير الاجتماعي: يعني تأثر المشاعر والسلوكيات والآخرين بالمحيط المجتمعي، وهو ما يجعل الفرد غير قادرًا على التفكير بمرونة أو إبداع.
- التحيز الشخصي: يعني الفكر والمعتقد الشخصي لرأي معين، وهو ما يخالف القدرة على التفكير الناقد.
- القلق: نوع من المشاعر السلبية ويمثل عدم الاستقرار النفسي، بما يؤثر على قدرة الفرد في التحليل واتخاذ القرار الصائب.
- الغرور: يعتبر الغرور وجه من أوجه الجهل، وهو من معوقات التفكير الناقد، لأنه يعني الإلمام بكل شيء، في حين أن التفكير الناقد يتطلب استمرارية البحث وتقبل مختلف الآراء.
- الخوف: يرتبط بالفشل المتكرر وانخفاض تقدير الذات، بما يؤدي إلى فقدان الحافز والشغف، ويمنع القدرة على تطوير المهارات.
- الكسل: عائق من عوائق التفكير الناقد بشكل غير مباشر، حيث إن التفكير الناقد يتطلب البحث والجهد والمثابرة، والتحقق من دقة المصادر، وكل تلك المتطلبات يمنعها الكسل والتهاون.
- التجارب السابقة: عادة ما يكون ما حدث في الماضي مؤثرًا في طريقة التفكير الحالية وما يحدث مستقبلًا، ولذلك من شأن التجارب السابقة أن تجعل التفكير الناقد أكثر سلبية.
- الافتراضات والظنون: عادة ما يكون الظن مانعًا للقدرة على التعلم أو طرح الأسئلة، وهو ما يجعله من تحديات التفكير الناقد.
أهمية التفكير الناقد
أشرنا آنفًا إلى أن التفكير الناقد والمهارات المرتبطة به تعتبر من أهم المهارات العقلية التي يجب إتقانها؛ وذلك للأسباب الآتية:
- يساعد التفكير الناقد على اتخذ القرارات السليمة الأقرب إلى الصواب.
- يعمل على تقييم الأفكار والمعلومات بصورة منطقية دقيقة.
- لا يرتبط بالانطباع الشخصي أو التحيز، حيث إن تلك الاعتبارات تجعل التقييم غير موضوعي أو دقيق.
- يعتمد على الحجة والبرهان وهو ما يجعله أكثر دقة، فلا يقتصر على الاعتقاد.
- يساهم في تحديد نقاط القوة والضعف في المشكلة للتمكن من حلها.
- يزيد التفكير الناقد من قدرة الفرد على حل المشكلات على نحو من الكفاءة والفعالية.
- يُساهم في تعزيز النظر إلى المشكلة من عدة زوايا وليس من زاوية واحدة، وهو ما يصل بالفرد إلى التحليل السليم.
- يساعد على التحقق من مصداقية المعلومات، والتمييز بين الصحيح منها والخاطئ.
- يُنمي قدرة الفرد على الإبداع والابتكار.
- يشجع على طرح الأسئلة والتفكير العميق في المشكلات.
- يعزز من مهارات الحوار والنقاش بين الأفراد.
- يساعد في تحسين مهارات التواصل مع الآخرين من خلال تحليل وجهات النظر المختلفة.
خصائص التفكير الناقد
في بعض التعريفات نجد أن التفكير الناقد يعني طريقة ما في التفكير لإطلاق أحكام معينة لقبول أو رفض الأشياء من خلال الفحص الدقيق، وهو طريقة لتصنيف المعلومات لمحاولة فهمها، وفيما يلي أبرز خصائص التفكير الناقد:
- يتصف بالمنطقية.
- يعتمد على الحقائق.
- يبحث عن المعرفة الكافية بالمشكلة.
- يعطي أهمية لجميع جوانب المشكلة.
- يرتبط باستمرارية البحث عن معلومات.
- يرتبط بالأمانة في مواجهة التحيزات والميول الذاتية.
- يحتاج إلى استيعاب لآراء الآخرين.
- يرتبط بالمرونة في التفكير.
- يمتاز بحب الاستطلاع والفضول العلمي.
- الاهتمام بالبقاء على قدر من الاطلاع.
- الأمانة في الوصول إلى الحكم الصائب أو النتيجة الحقيقية.
- محاولة توقع النتائج المستقبلية وتعميمها.
- يرتبط بالتحلي بالثقة بالنفس.
إلى هنا نكون قد علمنا أن التفكير الناقد هو القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ على نحو من المنطق والموضوعية، ويستهدف الوصول إلى تقييم دقيق واستنتاج سليم للمعلومات بعيدًا عن الانحياز الشخصي، ولذلك يعتبر من المهارات الهامة التي ينبغي التحليّ بها في الحياة المهنية والاجتماعية.
ما أهم مهارات التفكير الناقد وكيف يتم تطبيقها عمليًا؟ المصدر: